logo
logo
logo

مقالات

إيليو قُتل لأنّ دولتنا نسيت بعض الكلاشينات في زواريب المخيّمات!

إيليو قُتل لأنّ دولتنا نسيت بعض الكلاشينات في زواريب المخيّمات!

جان ماري توما-
 

إيليو إرنستو أبو حنّا، 24 عامًا، يعيش في دولةٍ تُقتل فيها إن لم تمتثل لأوامر حاجزٍ غير لبناني.

إيليو، 24 عامًا، يدفع ثمن حربٍ أهليّةٍ واحتلالٍ إسرائيليٍّ أدخلا الفلسطينيّين إلى لبنان مسلّحين، ليبقوا بعد عقودٍ يرفعون سلاحهم على أبناء هذا الوطن.

وفورَ مقتله، سارع غائبون عن الضمير إلى اتّهامه بأنّه كان يتوجّه لشراء المخدّرات، وكأنّ الكذب يُبرّر الرصاصة أو يخفّف فداحة الجريمة.

1185696712025-10-27e82b4202c90a18040530d991afe8673d703b0e92.jpg
 

الجريمة حصلت بعد أسابيع فقط من "الخطّة الأمنيّة" التي بشّرتنا بها الدولة لسحب سلاح الفلسطينيّين من المخيّمات. لا تظلموا دولتنا، ربّما نسيت بعض الكلاشينات في الزواريب، أو لم تسع سيارات "الفانات" الصغيرة إلى حمل كلّ الأسلحة التي جُمعت على مدى ثلاثين عامًا!

 

إيليو كان يأكل "سندويشًا" في بدارو، أرسل صورته عبر "واتساب"، وطمأن والدته أنّه عائد إلى المنزل. أخطأ الطريق بسبب تطبيق "غوغل مابس"، ليجد نفسه في مكانٍ حيث لا قانون ولا دولة، بل فقط فوهات بنادق تعتبر اللبناني غريبًا على أرضه.

534559_0044cb3f35992eb591bfec9ec419324f.jpg

لم يكن يعلم إيليو أنّ المسلّحين في صبرا وشاتيلا يعتقدون أنّ المنطقة ملكهم، وأنّ اللبناني إن لم يمتثل لأوامرهم يُقتل.

اليوم خسر الوطن إيليو — خرّيج جامعة الروح القدس – الكسليك، اختصاص كيمياء. وغدًا قد نخسر شابًا أو صبيةً آخرين، طالما أن في لبنان حواجزَ خارج الشرعيّة.

الرحمة لروح إيليو، والصبر لقلب أهله، والوعي لعقول مسؤولينا الذين اعتادوا النوم على دماء أبنائنا.

 

إيليو والقضيّة الفلسطينيّة

هل تعلمون أنّ إيليو كان من أشدّ المدافعين عن القضيّة الفلسطينيّة؟ كتب عنها وتحدّث عنها بصدقٍ وإنسانيّة على "ستورياته" في إنستغرام، مؤمنًا بعدالتها وحقّ الشعب الفلسطيني في العودة.
لكنّه ربّما لم ينتبه إلى أنّ للدفاع عنها سببًا وطنيًّا أيضًا، فإلى جانب البعد الإنساني والحقوقي، هناك حقيقة لا مفرّ منها: سقوط القضيّة الفلسطينيّة يعني سقوط لبنان أيضًا، لأن بقاء الفلسطينيّين في لبنان مسلّحين ومحرومين من العودة يُهدّد الوطن الذي أحبّه إيليو.
 

إيليو دافع عن القضيّة الفلسطينيّة، لكنّه سقط برصاصٍ فلسطينيّ على أرضه — فكانت مأساته الدليل الأوضح على أنّ القضيّة إن لم تُحلّ هناك، ستستمرّ في قتل لبنان هنا.

جيلٌ لبنانيّ يدفع ثمن حروبٍ لم يخُضها، واحتلالاتٍ لم يخترها، وقراراتٍ لم يُستشَر بها. وإيليو هو الضحيّة الجديدة لدولةٍ لا تملك قرارها، وحواجزَ لا تملك شرعيّتها.