قضت محكمة جنايات دمنهور - محافظة البُحيرة المصرية، الأربعاء، بالسجن المؤبّد على المتهم صبري.ك.ج.ا بعد إدانته بهتك عرض الطفل ياسين، وذلك في أولى جلساتها المنعقدة في دائرتها الأولى بمحكمة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة.
وقرّرت المحكمة قبول طلبات الدّفاع عن الطفل ياسين، بـتعديل القيد والوصف في القضية، وتغيير قرار الإحالة من الاعتداء على الطفل بغير قوّة، إلى الاعتداء بالقوّة تحت التهديد، وفقًا لما أفادت به وسائل إعلام محلية.
واستمعت المحكمة لأقوال والد الطفل ياسين وأقوال المُتهم والذي يعمل مراقبًا ماليًا في مدرسة خاصة للغات بمدينة دمنهور في القضية الذي نفى جميع التهم الموجّهة إليه.
وجرت المحاكمة في الدائرة الأولى التابعة لمحكمة جنايات دمنهور والتي انعقدت في محكمة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة وسط حضور أسرة المجني عليه في ظل إجراءات أمنية مشدّدة.
وبحسب الحكم، أدين المُتّهم بارتكاب جناية هتك العرض المعاقب عليها بالمادة 261/201 من قانون العقوبات.
بداية الواقعة
تعود الواقعة لشهر كانون الثاني/يناير، من العام الماضي عندما اكتشفت والدة الطفل رفض ابنها دخول الحمام، وبعد التدقيق معه تبيّن تعرّضه لاعتداء جنسي من أحد العاملين بالمدرسة فتقدّمت الأم ببلاغ ضده.
وبحسب ما نشر موقع "الشروق"، فقد عرضت الأم الطفل على طبيب والذي أكّد حدوث اعتداء جنسي متكرر عليه، وقد تعرف الطفل على صورة الجاني من خلال صور على مواقع التواصل الاجتماعي، وعند ذهاب الأم برفقة الطفل للمدرسة تعرف على إحدى العاملات وأكّد علمها بالواقعة.
بعد ذلك قطع والد الطفل عمله في الخارج وعاد لمصر وتقدّم ببلاغ إلى قسم شرطة دمنهور الذي رفض تحرير محضر بسبب مرور وقت على الواقعة فضلًا عن عدم قدرة الطفل على التعرّف على مرتكبها.
الطب الشرعي
عرضت النيابة الطفل على الطبّ الشرعي في دمنهور وطلبت تحريات المباحث واستدعت مديرة المدرسة والمتهم، وهنا قالت المديرة وفاء .أ (62 عامًا) إنّ المُتّهم هو محاسب مالي مكلّف من مطرانية البحيرة لمراقبة حسابات المدرسة، وأشارت إلى أنّها أجرت تحقيقًا داخليًا وأفادت السيدات اللّاتي تولين التحقيق بعدم اتزان الطفل.
أمّا تقرير الطب الشرعي فقد كشف عن وجود اتساع بالمنطقة الشرجية لدى الطفل ما قد يشير لاحتمال حدوث اعتداء جنسي على الطفل.
كما ذكرت مقرّرة لجنة الطفولة والأمومة في دمنهور أنّ الطفل أقرّ أمامها بالاعتداء الجنسي عليه من أحد الموظفين بالمدرسة وأنّه يحتاج لدعم نفسي ورعاية أسرية.
وبعد التحقيق مع المُتّهم أخلت النيابة سبيله بضمان محل إقامته وانتهى قرارها بشأن القضية بحفظ التحقيقات.
تظلّم الأم
بعد ذلك تقدّمت الأم بتظلّم أمام القاضي على قرار النيابة استنادًا إلى "ضرورة سماع شهادة عاملة بالمدرسة تدعى "د" قال عنها الطفل إنّها "رأت الأفعال الذي ارتكبها المُتّهم في حقه وتستّرت على المُتّهم بعد التحصل منه على مبلغ مالي، وقالت له "دا كان بيديك حقنة ومش هيعمل كدا تاني".
واستندت والدة الطفل في عريضة تظلّمها أيضًا إلى سماع أقوال 3 أشخاص، قالت عنهم إنّهم وسطاء من المُتّهم تدخلوا للضغط عليها وزوجها لقبول الصلح والتنازل عن حقّ نجلها المجني عليه عرفيًا، وعدم اللّجوء إلى القانون مرة أخرى، وأنّهم عرضوا عليها مبالغ مالية بالإضافة إلى تعليم المجني عليه وشقيقه داخل المدرسة مجانًا.
كما طالبت الأم بضرورة سماع أقوال ولية أمر 3 أطفال يتلقون التعليم بذات المدرسة، مستشهدة بأنّ تلك السيّدة تعلم بعض الوقائع غير الأخلاقية داخل المدرسة تشبه واقعة نجلها.
بناءً على قبول محكمة الجنايات تظلّم الأم على قرار النيابة العامة، أعادت النيابة فتح التحقيق مرة ثانية في القضية بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2025، واستمعت إلى أقوال الأم والدة الطفل المعتدي عليه، والتي أصرّت على ضرورة سماع أقوال الشهود والوسطاء المذكورين بعريضة التظلم، وضرورة التحقيق مع المُتّهم لمعاقبته في ارتكبه من أفعال في حقّ نجلها.
بعد سماع أقوال الأم قرّرت نيابة دمنهور فتح جلسة تحقيق عاجلة استدعت فيها الوسطاء الثلاث، والعاملة بالمدرسة، وولية الأمر، وذلك في اليوم التالي مباشرة، وتحديدا في يوم 15 كانون الثاني/يناير 2025، لسماع أقوالهم.
أدلى الوسطاء بأقوالهم أمام النيابة، بأنّهم عرضوا الصلح من باب عادات وتقاليد القرية، والمعروف عنها الجلسات العرفية في مثل هذه الوقائع التي يعتبرونها شخصية.
وأضافوا أنّ عرض الصلح كان من تلقاء أنفسهم من دون توجيه أحد، وأنكروا عرضهم أموال على والديّ الطفل المجني عليه، وأنّ عرض دراسة الابن الأكبر والمجني عليه سويًا داخل المدرسة من دون تكاليف كانت من باب الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا صادقين أم لا، كما أنّ ذلك الصلح كان من أجل وقف والدة المجني عليه النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من اتهامات.
العاملة ومديرة المدرسة
أنكرت العاملة الاتهامات الموجه إليها في عريضة التظلّم بالتستّر على المُتّهم، وقالت إنّها لم ترَ المُتَّهم في دورات مياه الأطفال، ولم تأخذ أي أموال منه كما قال الطفل المُعتدى عليه، وأنّها لا تعلم أي شئ عن واقعة الاعتداء.
واستمعت النيابة لأقوال "وفاء" مديرية المدرسة للمرة الثانية، ومواجهتها بتضارب أقوالها حول غياب وحضور الطفل المجني عليه بالمدرسة (قالت إنّ الطفل يغيب يومَيّ الإثنين والخميس وهما نفس اليومين الذين يحضر فيهما المُتَّهم)، فذكرت أنّها لم تقصد حصر أيام غياب الطفل في أيام حضور المُتَّهم يومَيّ "الإثنين والخميس"، لكنّها حصرت غياب الطفل 11 يومًا من بينها يومَيّ حضور المتهم.
مواجهة الطفل والمُتّهم
وفي نفس اليوم استدعت النيابة الطفل المعتدى عليه، للتعرّف على المُتَّهم، والاستماع منه إلى أوصافه، وبعد حديث النيابة العامة مع الطفل صاحب الـ5 سنوات، أدلى بأوصاف تتطابق مع المُتَّهم، فقرّرت النيابة إجراء عرض قانوني للمُتَّهم وسط ثلاثة أشخاص آخرين.
وبداخل مكتب النيابة، أجري العرض القانوني، فتعرّف الطفل عليه من الوهلة الأولى، فقرّرت النيابة إعادة عرض المُتَّهم وسط الآخرين بطريقة مختلفة، ليتعرّف الطفل على المُتَّهم أيضًا في المرة الثانية، لكنّه أخطأ في التعرّف عليه في ثلاث أخرى، أزال فيها المُتَّهم نظارته الطبية وكوفية كان يرتديها.
وفَسّر المُتَّهم تعرّف الطفل عليه بأنّه عن طريق تحفيظ أسرته لأوصافه من خلال صور خاصة، لتقرّر النيابة إخلاء سبيل المُتَّهم بضمان محل إقامته.
وفي يوم 3 آذار/مارس 2025 قرّرت نيابة وسط دمنهور الكلية، إحالة المُتَّهم "ص" 78 سنة، مراقب مالي بمطرانية البحيرة، لاتهامه بهتك عرض المجنى عليه في القضية التي تحمل رقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور.