في مقابلة بثّها تلفزيون لبنان، شدد المبعوث الأميركي توم برّاك على أن زيارته لبيروت تأتي في إطار دعم مسعى لبناني لإعادة تفعيل اتفاق وقف الأعمال العدائية في الجنوب، وتهيئة مناخ يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية. وحرص على نفي وجود أي "مطالب أميركية"، قائلًا: "نحن لا نفرض شروطًا، بل نستجيب لطلب لبناني صريح بالمساعدة على تخفيف التوتر".
بين الاقتراح والدعم: واشنطن وسيط لا مُلزم
وأشار برّاك إلى أن بلاده تطرح "اقتراحات بنّاءة" تأخذ في الحسبان الهواجس المتعددة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض حلول بل تساعد الأطراف اللبنانية على بلورة تفاهم شامل. وأضاف أن اتفاق وقف الأعمال العدائية لم يُطبق فعليًا "بسبب انعدام الثقة المتبادل بين إسرائيل، الحكومة اللبنانية، وحزب الله"، مشيرًا إلى أن النزاعات الحدودية تُعطّل فرص الإصلاح وتُجهض إمكانية النمو الاقتصادي.
الجيش أولاً... ثم الاقتصاد
في معرض حديثه، أعاد المبعوث الأميركي التأكيد على أن دعم الجيش اللبناني مستمر وبلا شروط، سواء عبر التمويل أو التدريب، "ليس بوصفه قوة هجومية، بل ضامنًا لاستقرار الداخل". وبحسب برّاك، فإن تعزيز دور المؤسسة العسكرية قد يسمح لحزب الله بإعادة النظر في الحاجة إلى سلاحه.
وفي ما خصّ التجديد لقوات اليونيفيل، أوضح أن الموقف الأميركي النهائي لم يُحسم بعد، وأن واشنطن تدرس توصية تضمن فاعلية المهمة الدولية وتعزز الثقة المفقودة على جانبي الحدود.
بيئة آمنة للإصلاحات الواعدة
وفي الشق الاقتصادي، أشاد برّاك بجهود رئيس الحكومة نواف سلام، واصفًا الخطوات في الملفين المالي والمصرفي بـ"الواعدة"، مشيرًا إلى أهمية مبادرات حديثة مثل مشروع "ستارلينك". لكنه حذّر من أن أي إصلاح بلا أمن، يبقى حبراً على ورق، قائلاً: "الشعب اللبناني من الأذكى في المنطقة، لكن لا بيئة آمنة للنمو".
ترسيم الحدود مع سوريا... كسر إرث الماضي
وفي ما يُشبه الموقف غير التقليدي، تحدّث برّاك عن ملف ترسيم الحدود البرية مع سوريا، واصفًا إياه بـ"المزمن"، داعيًا إلى تجاوزه وعدم رهن مستقبل الأجيال بـ"خطوط رسمها رجال في الماضي". وأضاف أن لبنان يستحق أن يستعيد مكانته "كلؤلؤة المنطقة"، في ظل نظام إقليمي جديد أكثر تعددية وتسامحًا.
واشنطن ترى في لبنان شريكًا… لا ورقة تفاوض
واختتم برّاك حديثه بالتأكيد على أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تحويل لبنان إلى ساحة صراع أو أداة تفاوض، بل شريك استراتيجي في مشروع شرق أوسطي أكثر توازنًا، مشددًا على أن "الطريق الوحيد يمر عبر حوار شامل، لا عبر فرض الشروط".