كتب أحمد نصرالله
يسود التوتر الأوساط اللبنانية في ظل تصاعد الحديث عن حرب مقبلة، خصوصًا بعد تكثيف الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان، واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت بثماني غارات جوية عشية عيد الأضحى، في تطور هو الأخطر منذ وقف إطلاق النار.
ترافق هذا التصعيد مع مؤشرات سياسية مقلقة، أبرزها تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مستقبل المفاوضات مع إيران، إلى جانب لهجة متشددة لمسؤولين أميركيين في الأيام الأخيرة.
في هذا السياق، بدأ المواطنون في تداول رسائل عبر مجموعات الواتساب، تتحدث عن احتمالات استهداف الضاحية والجنوب بغارات جوية كثيفة، وسط تساؤلات حول مدى دقة هذه الرسائل، وإلى أي حدّ تعكس واقعًا ميدانيًا قادمًا.
فهل لبنان على أعتاب مواجهة شاملة، أم أن ما يجري لا يزال في إطار الضغط السياسي الميداني المحدود؟
الإسرائيلي وأيامه الذهبية
في الوقت الحالي، لا يبدو أن الأمور تتجه نحو حرب شاملة. فالوضع في لبنان يخدم مصالح إسرائيل إلى حدّ بعيد، ولا مصلحة لها في تغييره.
من أبرز ما تسعى إليه إسرائيل اليوم هو دفع الأمم المتحدة إلى إصدار قرار يقضي بترحيل قوات اليونيفيل، بهدف تحويل قنوات التواصل بين الطرف اللبناني والإسرائيلي إلى الوسيط الأميركي فقط، وهو ما يتيح لها تحقيق مكاسب استراتيجية دون وجود رقابة دولية فاعلة.
الدفع نحو الفصل السابع لقوات اليونيفيل
في حال بقيت قوات اليونيفيل، فإن السيناريو البديل الذي قد تسعى إليه إسرائيل هو وضعها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
هذا الإجراء يمنحها صلاحيات أوسع، من بينها استخدام القوة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن دون الحاجة للتنسيق مع الجانب اللبناني، خصوصًا الجيش.
هذا التوجه أدى في الأيام الماضية إلى عدد من الإشكالات جنوب لبنان، نتيجة محاولات اليونيفيل التحرك دون تنسيق مسبق.
الوضع الميداني في صالح إسرائيل
الوضع الحالي يبدو مثاليًا لإسرائيل، إذ تحظى خروقاتها الجوية والبرية بغطاء دولي، وسط ردود أفعال خجولة من الدول الراعية للقرار 1701، وعلى رأسها فرنسا.
تشنّ غارات متى شاءت، مدعومة بتأييد عربي ضمني، ورضى محلي من بعض القوى السياسية اللبنانية، التي تبرّر تلك الضربات بكونها تهدف إلى نزع سلاح الحزب.
إلى متى سيبقى الوضع على هذا النحو؟
من المؤكد أن إسرائيل تدرك أن الوضع الحالي لن يستمر إلى ما لا نهاية، وأن هامش التحرك الواسع الذي تستفيد منه اليوم سيصل إلى نهايته. فعندما يستعيد الطرف الآخر جاهزيته الكاملة، ستُفرض معادلات جديدة، قد لا تكون مطابقة لما كانت عليه قبل 27 أيلول، لكنها حتمًا ستعيد نوعًا من التوازن، كما أثبت تاريخ الصراع في لبنان.
هل سيكون لبنان جزءًا من أي تصعيد إيراني - إسرائيلي؟
في حال نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربة على المنشآت النووية الإيرانية أو استهدف برامج تطوير الصواريخ الباليستية، يبقى السؤال المطروح: هل ينفجر الوضع في لبنان خلال ساعات أو أيام؟
الجواب المباشر: ليس بالضرورة.
فإيران لا تعتمد على الساحة اللبنانية كخط دفاع أول لحماية مصالحها العسكرية. ولبنان، في ظل الضربات التي تلقاها الحزب مؤخرًا، ليس في موقع قادر على تغيير قواعد الاشتباك الإقليمي. الحزب اليوم بحاجة لوقت إضافي لترميم قدراته، بينما يواصل اليمن الضغط بوتيرة يومية.
هل تستكمل إسرائيل ضرباتها على الضاحية؟
لا شيء يمنع ذلك حتى الآن. إسرائيل تدرك أنها تملك مساحة واسعة لتنفيذ ضربات دقيقة تستهدف أكبر عدد ممكن من المواقع، شرط ألّا تصل إلى حد تعطيل الحياة كليًا في الضاحية. فالقيام بذلك سيدفع الحزب إلى الرد وفتح الجبهة، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة في هذه المرحلة.
المصدر: مقال رأي