
يُعدّ الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسيّة انتشارًا في العالم، إذ يؤثر على طريقة تفكير الإنسان ومشاعره وسلوكياته اليومية، وقد تتداخل في أسبابه عوامل نفسية وبيولوجية واجتماعية وحتى غذائية.
ومع تطور الأبحاث الحديثة، بدأ العلماء يسلّطون الضوء على دور النظام الغذائي ومكوّناته في التأثير على الحالة المزاجية، إذ تبيّن أنّ بعض الأطعمة الشائعة قد تلعب دورًا خفيًّا في زيادة أو تخفيف أعراض هذا المرض الصامت الذي يطال مختلف الفئات العمرية حول العالم.
اكتشاف دور البرولين
وكشف فريق من الباحثين في معهد أبحاث الطب الحيوي في جيرونا بالتعاون مع جامعة بومبيو فابرا في برشلونة، أن نوعًا من الأحماض الأمينيّة الموجودة في أطعمة شائعة مثل لحوم البقر والأسماك والجيلاتين، قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب لدى البشر.
وأوضح الباحثون أن هذا الحمض، المعروف باسم "البرولين" (Proline)، قد يؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية للأشخاص الذين يستهلكونه بكميات مرتفعة. وبيّنت الدراسة أن الأفراد الذين يتناولون وجبات غنية بالبرولين كانوا أكثر عرضة لظهور أعراض الاكتئاب مقارنة بغيرهم.
مصادر البرولين الغذائية
ومادة البرولين موجودة في عدد من الأطعمة الغنيّة بالبروتين، أبرزها لحوم البقر والدجاج والأسماك مثل السلمون والتونة، إضافة إلى الجيلاتين ومنتجات الألبان والبيض. كما تتوافر بكميات أقل في بعض المصادر النباتية مثل العدس، الفاصوليا، المكسرات، القمح، الشوفان، الكرنب والقرنبيط.
وفي إطار البحث، أجرى العلماء تحليلًا دقيقًا لكمية الأحماض الأمينية في النظام الغذائي لمجموعة من المتطوعين، بالتزامن مع استبيانات نفسية لتقييم مستويات الاكتئاب لديهم.
وقال رئيس قسم العلوم الطبية وأحد المشرفين على الدراسة الدكتور فرناديز ريال: "لقد اندهشنا من قوة العلاقة بين حمض البرولين وأعراض الاكتئاب. التحاليل أظهرت بوضوح أن ارتفاع مستويات هذا الحمض في البلازما مرتبط بتدهور الحالة المزاجية".
وأشار الباحثون إلى أنّ هذه النتائج تسلّط الضوء على جانب غذائي جديد كان مهملًا في الدراسات السابقة حول الاكتئاب، ما يفتح الباب أمام أبحاث مستقبلية حول كيفية تأثير مكونات الغذاء على الصحة النفسية.