logo
logo
logo

مقالات

نهاية حماية السوريين في ألمانيا… تعلّم يا لبنان!

نهاية حماية السوريين في ألمانيا… تعلّم يا لبنان!

جان ماري توما-

 

لم تعد ألمانيا كما كانت فيما يتعلق بالسوريين: الحماية الواسعة التي منحتها منذ سنوات بدأت تتراجع، وتدخل الحكومة في مراجعات دقيقة لطلبات اللجوء، مع خطط لترحيل بعض الفئات.

لا شكّ أنّ هذا القرار منطقي، كون النظام الذي هرب منه أعداد هائلة من السوريين قد سقط، واليوم يتفاخر بعض السوريين برئيسهم أحمد الشرع، قائد جبهة النصرة سابقًا، الجولاني. إذًا، العودة إلى سوريا أصبحت حقًّا وواجبًا لكل "اللاجئين" السوريين في كافة أنحاء العالم.

c8a35afc6add842614c74994de6e21c904caafed.jpg

رفض طلبات اللجوء والعودة بين طوعيّة وقسريّة

الحكومة الألمانية ترفض بشكل متزايد طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، بعد مراجعة وضع سوريا وتقدير أن بعض المناطق أصبحت آمنة حسب حكومة أحمد الشرع.

عدد الطلبات الجديدة انخفض من حوالي 16,000 في أكتوبر 2024 إلى 3,500 في سبتمبر 2025.

أمّا بما يخصّ العودة الطوعيّة، عاد حوالي 1,867 سوريًا طوعًا إلى سوريا حتى أغسطس 2025، عبر برامج رسمية. رغم دعم الحكومة، تبقى هذه العودة نسبة صغيرة مقارنة بإجمالي السوريين المقيمين.

 

حتى الآن، لا توجد رحلات ترحيل قسريّة جماعية للسوريين، بل ينصبّ  التركيز على المدانين أو من انتهت صلاحية حمايتهم، مع مراجعة فردية لكل حالة.

ولرفض الحماية أسباب قانونيّة، فالقانون الألماني والأوروبي يشترط وجود خطر جسيم أو اضطهاد محدد لمنح الحماية. والتقييم الأخير يرى أن الوضع في سوريا أصبح أكثر استقرارًا نسبيًا، ما يقلل فرص منح الحماية التلقائية.
وإذا وُجدت مناطق آمنة نسبياً داخل سوريا، يمكن رفض الطلبات لأن الشخص قادر على حماية نفسه هناك.

17021113521757736655.jpg

السياسة الألمانية والتغيرات الأوروبية

من الواضح أنّ السياسة الألمانيّة تخلع ثياب الأم الحنونة على السوريّين ودخلت مسار العقلانيّة في القرارات. فالمستشار الألماني فريدريش ميرز يدعو إلى تنسيق مع السلطات السورية لترحيل الفئات المرفوضة والمدانة.

وفي السياق نفسه، الاتحاد الأوروبي أقر إصلاحات لتسريع البت في الطلبات ورفع نسب الرفض.


 

تعلّم يا لبنان!

إن كانت الدول التي لا تعاني من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والتي تُعتبر جغرافيًا مؤهَّلة للاستقطاب وتتمتّع بالكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية، بدأت تتحرّك لمصلحتها، فما شأن لبنان الذي تضيق أنفاسه بالكثافة السكانية التي ارتفعت بشكل جنوني مع النزوح السوري، والمتألّم من مشاكله الاقتصادية والاجتماعية؟

لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 6.8 ملايين نسمة، يستضيف حوالي 1.5 إلى 1.8 مليون نازح سوري، أي نحو 22–26% من سكانه، ما يضاعف الضغط على الخدمات العامة والبنية التحتية.

في المقابل، ألمانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 84 مليون نسمة, تستضيف حوالي 944 ألف سوري، أي أقل من 1.2% من السكان، في بلد مجهز جغرافيًا وخدماتيًا للتعامل مع هذا العدد.

عودة-السوريين-من-لبنان-1.webp

ناهيك عن الأمن المتفلّت، والأبطال الذين كثيرًا ما يكونون سوريين، فضلاً عن "تكبير الرأس" الذي يحصل كل فترة، والتهديد بأنهم قنبلة موقوتة في قلب البلد، وإن قرّروا الهجوم فيمكنهم احتلال لبنان وضمّ طرابلس وعكار. يمكن لأي شخص أن يقرأ بعض التعليقات أو التغريدات ليشهد العجائب حول آراء السوريين في لبنان.

سوريا ليست عدوّة، بل حاليًا هي عبء. أهل سوريا يمكن أن يكونوا كأي لبناني في الخارج: سائحين، عمالًا، إضافة في مجالات عدّة، ولكن لم نعد نحتمل "النازح". أيام الحرب ولّت، وتلقائيًا كلمة "نزوح" أو "لاجئ" تسقط.

لسنوات، لبنان وسوريا يتقاسمان الفن والثقافة وتبادل الخبرات، وهذا ما يجب أن يستمرّ فقط.