تُعدُّ أغاني الأطفال التي تُعرض على قنوات شهيرة مثل :"كوكو ميلون" وسيلةً ترفيهيةً محببة تُستخدم لتعزيز مفردات الطفل، ومساعدته على التعبير عن مشاعره، وتحفيزه على تناول الأطعمة الصّحية. لكن، وسط هذا المحتوى الظاهري البريء، تطرح بعض الأبحاث تساؤلات جدية حول تأثير هذه الأغاني على الدماغ النامي للطفل، خاصةً فيما يتعلق بالإفراط في استخدامها..
ويؤكد الأطباء أن طبيعة هذه الأغاني ليست عشوائية، بل جرى تصميمها بناءً على دراسات دقيقة تراعي التكوين النفسي والعصبي للأطفال. الألوان النابضة، السرعة البصرية، الإيقاعات المتكررة، وحتى ملامح الشخصيات – كلها عناصر يتم انتقاؤها بعناية لضمان شد انتباه الطفل وإبقائه متابعًا.
ويضيف الخبراء أن منصات المحتوى تتابع ردود أفعال الأطفال بدقة خلال المشاهدة، وتدخل تعديلات بناءً على لحظات التشتت، بهدف رفع معدلات الانجذاب. هذا النهج يفعّل نظام المكافأة في الدماغ، مما يدفع الطفل للسعي المستمر نحو تكرار التجربة بحثًا عن المتعة اللحظية المرتبطة بإفراز مادة الدوبامين.
لكن هذا السلوك لا يمر دون مؤشرات تحذيرية، إذ يبرز الانزعاج الحاد عند تقليل وقت الشاشة، إلى جانب نوبات الغضب، واضطرابات النوم الناتجة عن التعرض المستمر للضوء الأزرق، بحسب ما يوضح الأطباء. كما انّ الأعراض الانسحابية تشبه ما يظهر لدى الأشخاص الذين يعانون من الإدمان السلوكي.
ورغم هذه المخاطر، تؤكد التربويات أن الحل لا يكمن في المنع التام، بل في ترسيخ ضوابط واضحة وتوجيه الاستخدام نحو محتوى هادف، يتماشى مع توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال:
• أقل من عامين: يُنصح بتجنب الشاشات تمامًا (باستثناء مكالمات الفيديو).
• من 3 إلى 5 سنوات: يسمح بساعة واحدة يوميًا من محتوى مراقب.
• من 6 إلى 12 سنة: ساعتان يوميًا مع ضرورة دمج التفاعل الواقعي.
في نهاية المطاف، تبرز أهمية التوازن والوعي الأبوي في توجيه استخدام التكنولوجيا. فالشاشات ليست شرًا مطلقًا، لكنها قد تتحول إلى عائق إذا فُقدت السيطرة على حدودها.