logo
logo
logo

الأخبار

ألمانيا تُعيد النظر بعلاقتها مع إسرائيل

ألمانيا تُعيد النظر بعلاقتها مع إسرائيل

تعيش الحكومة الألمانيّة حالة من إعادة تقييم دقيقة لسياسة تسليح إسرائيل، بعد أن سمحت خلال العشرين شهرًا الماضية بتصدير أسلحة ومعدّات عسكريّة بقيمة تقترب من نصف مليار يورو، وسط تصاعد الانتقادات الداخليّة والدوليّة على خلفيّة الحرب في قطاع غزة.

 

فقد كشفت وزارة الاقتصاد الألمانيّة، في ردّ رسمي على استفسار من كتلة حزب "اليسار"، أنّ ألمانيا وافقت على شحنات أسلحة إلى إسرائيل بقيمة 485.1 مليون يورو منذ 7 تشرين الأول 2023 وحتى 13 أيّار 2025. هذه الأرقام أثارت جدلًا واسعًا، خصوصًا مع تصاعد وتيرة الحرب وتزايد التقارير عن انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.

 

ورغم أن الوثائق لم توضح ما إذا كانت الحكومة الألمانيّة الجديدة — التي تولّت مهامها في 6 أيار الماضي — قد واصلت منح التراخيص لتصدير الأسلحة، إلا أنّ التصريحات الصادرة عن المسؤولين الجدد توحي بتبدّل في التوجّه.

 

وزير الخارجية الجديد، يوهان فاديفول، ألمح في مقابلة صحفية إلى إمكانية تجميد أو تقييد الصادرات العسكرية لإسرائيل، مؤكّدًا أن كل التراخيص المستقبلية ستخضع لمراجعة دقيقة وفقًا لمبادئ القانون الدولي. وقال: "نحن بصدد تقييم ما إذا كانت العمليات الجارية في غزة تتوافق مع المعايير الإنسانية... وبناءً على ذلك، سنحدّد مصير صادراتنا الدفاعية".

 

وفي ظلّ استمرار هذه المراجعة، تواجه ألمانيا دعوى قانونية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، رفعتها نيكاراغوا، تتّهم فيها برلين بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" من خلال إمداد إسرائيل بالأسلحة. ورغم أن المحكمة رفضت طلبًا عاجلًا لوقف التسليح، فإنّها لم تستبعد نظر الدعوى، ما يُبقي ألمانيا تحت الضغط القانوني.

 

المعارضة الداخلية لا تقلّ تأثيرًا، فقد دعا حزب "اليسار" إلى وقف فوري لجميع الشحنات العسكريّة، محذّرًا من أن استمرار التوريد قد يورّط برلين في "جرائم دولية". وقال النائب أولريش تودن: "ألمانيا قد تجد نفسها شريكة في جرائم يعاقب عليها القانون الدولي إذا واصلت تسليح طرف يرتكب انتهاكات جسيمة".

 

وعلى المستوى الشعبي، أظهر استطلاع أجراه معهد "إنسا" لصالح منظمة "فاز" أن غالبية ضئيلة من الألمان (58%) يؤيّدون تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، مقابل 22% يعارضون ذلك، و19% لم يحسموا موقفهم.

 

وبينما لم تُصدر الحكومة الجديدة قرارًا حاسمًا، يبدو أنّ ألمانيا دخلت فعليًّا مرحلة مراجعة استراتيجية لعلاقتها التسليحية مع إسرائيل، وهي مراجعة تزداد تعقيدًا بفعل الضغوط القانونية، والانقسام السياسي الداخلي، والتغيّرات في الرأي العام.