تلّ أبيب، التي طالما وُصفت بـ"قلعة الأمن"، لم تُشبه نفسها فجر السبت. المدينة التي حمتها "القُبّة الحديديّة" على مدى سنوات، تهاوت تحت زخّاتٍ صاروخيّةٍ دقيقة، أُطلقت من إيران، في واحدة من أعنف الهجمات العابرة للحدود في تاريخ الصراع الإقليمي.
أهدافٌ حَسّاسة… ودمارٌ نوعيّ
الهجوم الإيرانيّ الذي جاء تحت عنوان “الوعد الصاّدق 3”، استهدف منشآت أمنيّة وعسكريّة واستخباراتيّة في عمق تلّ أبيب، وأصاب مواقع عدّها الإسرائيليّون لعقودٍ “مناطقَ محرّمة على الاستهداف”.
• مجمّع الكِرياه – وهو المركز الأعلى لقيادة الجيش الإسرائيلي – تلقّى ضربةً مباشرةً بأحد الصواريخ الباليستيّة، ممّا أدّى إلى دمارٍ جزئيٍّ في المبنى ومقتل وإصابة عدد من الضبّاط والعاملين.
• شارع "روتشيلد" الحيويّ وسط تلّ أبيب، شهد انهيار أبراج سكنيّة جزئيًّا، وتحطّم واجهات زجاجيّة لمبانٍ تجاريّة ومصارف.
• منطقة "رَمت غان" وبتاح تيكفا – ضواحي ذات كثافة سكانيّة عالية – طالتها الصواريخ، ما أسفر عن حرائق ضخمة وعددٍ من القتلى والجرحى.
• مطار "بن غوريون" أُغلق مؤقّتًا، بعد سقوط شظايا على إحدى مدارج الطائرات.
ضربةٌ نوعيّة بأسلحة متقدّمة
الهجوم نُفّذ باستخدام أكثر من 150 صاروخًا باليستيًّا، بينها صواريخ أسرع من الصوت، اخترقت الدفاعات الإسرائيليّة وأربكت نظام “القُبّة الحديديّة”، وفقًا لمصادر إعلام عبريّة.
وأكّد مسؤولون إيرانيّون أنّ الضربات شكّلت "ردًّا متناسقًا ومدروسًا" على العملية الإسرائيليّة التي طالت منشآت عسكريّة إيرانيّة وقتلت قيادات بارزة، من بينهم رئيس أركان الجيش محمد باقري.
في مشهدٍ استثنائيّ، عاشت تلّ أبيب حالة ذُعر جماعيّ، فهرع المواطنون إلى الملاجئ، وأُغلقت الطرقات، وشُلّت الحركة الجويّة، بينما عجزت الحكومة عن طمأنة الجمهور.
المشهد لم يكن فقط عسكريًّا. بل ضرب عمق العقيدة الأمنيّة التي تأسّس عليها "العمق الإسرائيليّ الآمن"، وشكّل تحوّلًا نفسيًّا واستراتيجيًّا.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال في أول تعليق: "إسرائيل ستردّ بقوّة غير مسبوقة. ما بعد الهجوم لن يكون كما قبله."