بعد إقرار مجلس النواب اليوم، مشروع القانون الذي يجيز لمصرف لبنان إصدار أوراق نقدية من فئة الـ500 ألف ومليون ليرة مع الحفاظ على الكتلة النقدية في السوق.
فهل طباعة النقود تؤدي حقًا إلى زيادة الثروة؟
في مقال نشرته صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، يرى الخبير المالي فيليب أوران، مدير قسم الدراسات الاقتصادية في "البنك البريدي" الفرنسي، أنّ استحداث النقود لا يغيّر من حجم الثروة الإجمالية، بل يُعيد توزيعها فقط. ويقترح أوران تعديل المقولة الشهيرة لعالم الاقتصاد ميلتون فريدمان "التضخم ظاهرة نقدية في كلّ زمان ومكان"، لتصبح: "استحداث النقود هو في كلّ زمان ومكان نقل للثروة".
المال لا يخلق الثروة
يشدّد أوران على أهمية العودة إلى فهم طبيعة المال كأداة حساب وليس كمصدر للثروة. ففي الاقتصاد القائم على المقايضة، كانت المبادلات تتطلب توازنًا بين المنتجين، حتى جاء المال لتسهيل العمليات التجارية عبر تحديد قيم مرجعية.
ومع ذلك، فإنّ تحديد السعر لا يُنتج الثروة بحد ذاته. فمثلًا، التحوّل من الفرنك إلى اليورو لم يخلق ثروة جديدة، ولم يُفقد المجتمع ثروته بين ليلة وضحاها.
ويضيف أنّ توزيع النقود بالتساوي على الجميع قد يبدو منصفًا من الناحية النظرية، لكنّه لا يعني بالضرورة تحقيق نمو في الثروة. فخلق المال يُشبه إضافة الماء إلى النعناع: كميّة النعناع (أي القيمة الحقيقية) تبقى كما هي، بينما مستوى التخفيف (أي التضخم) هو ما يتغيّر. ومن هنا، فإنّ الثروة الحقيقية لا تأتي من حجم المال المطروح، بل من كيفية استخدامه واستثماره.
آثار التضخّم: توزيع غير عادل
حتى لو لم يُحدث التضخم تغيّرًا فوريًا في الثروة الفعلية، فإنّ آثاره تمتد لتطال الأفراد بشكل متفاوت. فزيادة الأسعار تؤثر على بعض الفئات أكثر من غيرها، وتبرز التفاوتات القائمة في توزيع الثروات.
تتضح هذه التفاوتات من خلال السياسات الاقتصادية، كسياسة تسييل الديون السيادية التي يعتمدها البنك المركزي الأوروبي، والتي توفّر السيولة للحكومات. هذه الأخيرة توجّه الدّعم إلى الفئات المتضررة والشركات المهدّدة، ممّا يؤدي إلى توزيع غير متكافئ للأموال.
تتكيّف الأسعار تبعًا لعلاقات السوق، ويتأثر كل شخص بدرجات متفاوتة وفقًا لموقعه من السياسات العامة، والدعم الحكومي، والضرائب، وأسعار السلع الأساسية. فعلى سبيل المثال، يستفيد أصحاب المدخرات والأصول من التضخم، بينما يعاني أصحاب الدّخل المحدود والمتقاعدون وموظفو الشركات ذات التنافسية الضعيفة.
هكذا، تتداخل التأثيرات الاقتصادية وتتوزع على شرائح المجتمع بطرق معقدة، تجعل من الصعب تقييم نتائج التضخم بشكل دقيق وشامل.