في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الجائحة العالمية، تشهد جنوب الصين تفشياً واسعاً لفيروس "شيكونغونيا"، بعد نحو خمس سنوات على ظهور جائحة كوفيد-19.
الفيروس الذي ينقله البعوض، أصاب أكثر من سبعة آلاف شخص في مدينة فوشان، وفق ما أوردته مجلة تايم الأميركية، في ما يعدّ أحد أكبر التفشيات منذ رصد أول حالة في الصين قبل قرابة عقدين.
ويبدو أن السلطات الصينية استحضرت "أدوات الطوارئ الوبائية" المعهودة، من حملات فحوصات جماعية، إلى عزل المصابين وتطهير الأحياء، في محاولة لاحتواء انتشار العدوى، التي انتقلت كذلك إلى مدن أخرى ضمن مقاطعة غوانغدونغ.
جرى تخصيص عشرات المستشفيات كمراكز علاجية، ورفعت الطاقة الاستيعابية لأسِرّة العزل المزودة بوقاية من البعوض إلى أكثر من 7,000 سرير. كما لجأت السلطات إلى حلول مبتكرة، كإطلاق أسماك تتغذى على يرقات البعوض في البحيرات، واستخدام نوع من "بعوض الفيل" غير المؤذي للبشر، لكنّه يهاجم البعوض الحامل للفيروس.
ورغم التوتر، لم تسجّل حتى الآن أي حالة وفاة مرتبطة بالتفشي الجديد، في حين تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن "شيكونغونيا" نادراً ما يكون قاتلاً، لكنه يتسبب بآلام شديدة في المفاصل قد تمتد لأشهر، ما يفسّر اشتقاق اسمه من لهجة إفريقية تعني "الانحناء أو الالتواء"، في إشارة إلى وضعية المرضى المصابين.
اكتُشف الفيروس لأول مرة في تنزانيا عام 1952، وسرعان ما انتقل إلى دول آسيوية مثل تايلاند والهند، حيث شهدت الأخيرة انتشاراً كبيراً في عام 2006، مع تسجيل نحو 1.3 مليون إصابة مشتبه بها. وقد عاد الفيروس للانتشار مجدداً في السنوات الأخيرة، خاصة في دول أميركا الجنوبية، التي تُعدّ اليوم من بين الأكثر تضرراً عالمياً.
وبحسب المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض، سُجلت حتى الآن نحو 240 ألف حالة إصابة و90 وفاة مرتبطة بالفيروس خلال هذا العام وحده.
رغم انتشاره، لا يوجد علاج نوعي للفيروس، وتعتمد التوصيات الطبية على تناول الباراسيتامول لتخفيف الأعراض، فيما تبقى الوقاية عبر تجنّب لدغات البعوض هي السبيل الأهم لاحتواء المرض.
وبينما يراقب العالم تطورات الوضع في الصين، تبقى المخاوف قائمة من عودة سيناريوهات الإغلاق والذعر الجماعي، ولو بصيغة معدّلة.