كتب أحمد نصرالله
ما الذي يجري فعليًا في الحرب بين إيران وإسرائيل؟
منذ اليوم الأول، بدا واضحًا أن الهدف الإسرائيلي المعلن في هذه الحرب هو تدمير البرنامج النووي الإيراني من أجل إزالة "الخطر الوجودي" على إسرائيل، لكن المتابع بدقة يدرك أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق من دون تدخل أميركي مباشر، ما يطرح تساؤلًا حول النوايا الحقيقية وراء التصعيد.
في الواقع، يبدو أن الهدف الأعمق يتجاوز المنشآت النووية، ليصل إلى محاولة إسقاط نظام الحكم في إيران. فقد استهدفت الضربات الأولى شخصيات أمنية وعسكرية بارزة، في ما بدا كتمهيد لتحركات داخلية تقود إلى إضعاف النظام وتفكيك الدولة، على غرار السيناريوهات التي شهدناها في العراق وسوريا، بدعم واضح من أطراف إقليمية ودولية.
حتى الآن، لم تنجح إسرائيل في تحقيق حسم ميداني أو استراتيجي، في حين أثبتت إيران قدرتها على الرد، وبدأت جولات تصعيدية موجعة. رغم أن إسرائيل تنفّذ ضربات مؤلمة، إلا أن اتساع الجغرافيا الإيرانية وصلابة جبهتها الداخلية يمنحان طهران أفضلية في حرب الاستنزاف.
التقديرات تشير إلى احتمال تدخل أميركي مباشر لإنقاذ إسرائيل من مأزق استراتيجي، ما قد يمنح طهران ذريعة لمهاجمة القواعد الأميركية في المنطقة، ويدفع الشرق الأوسط نحو مواجهة إقليمية شاملة.
في هذا السيناريو، قد نشهد إغلاق مضيق هرمز، ما سيؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمي، ويرفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، ربما تصل إلى 300 دولار للبرميل، مع تعطل ما يقارب 20% من التجارة العالمية.
كما أن استهداف القواعد الأميركية قد يشلّ حركة الملاحة في الخليج، ويطرح علامات استفهام حول موقف الدول التي تُعتبر حليفة ضمنية لإيران، لكنها حتى الآن تلتزم الحياد العلني.
في الشمال، لا يمكن إغفال تعزيزات إسرائيل العسكرية على الحدود اللبنانية، في ظل رصد مستمر لجهود حزب الله في إعادة ترميم قدراته، رغم الضربات المتواصلة. كما أن الجبهة العراقية تبقى مرشحة للاشتعال، بغطاء من قوات الحشد الشعبي، ما يزيد من تعقيدات المشهد.
وأمام هذا المشهد، نحن أمام سيناريوهين:
1. ضربة استباقية من إسرائيل:
في حال شعرت إسرائيل، وهو ما يتم الترويج له، بأن الحزب يستعد للدخول في المعركة وفتح جبهة إضافية، فلن تتوانى عن تنفيذ ضربة استباقية ضخمة لإضعافه، على غرار "اثنين أيلول" الشهير العام الماضي.
هذه الضربة قد تبدأ بسلسلة من الإنذارات المكثفة بهدف إرباك الحزب، وقد تكون مفاجئة من دون أي تمهيد. السيناريو مفتوح، والتبريرات جاهزة.
2. ضربة استباقية من الحزب:
هنا ستكون المفاجأة الكبرى. لا أحد يمكنه الجزم بما إذا كان الحزب يملك القدرة والإمكانات لتنفيذ ضربة مباغتة بقصف صاروخي كبير، بعنوان تحرير المواقع الجديدة ووقف الاعتداءات اليومية من قبل الجيش الإسرائيلي.
السؤال المحوري: هل تمكن الحزب فعلًا من ترميم قدراته بعد الحرب، أم أن الضربات المتواصلة منذ وقف إطلاق النار حتى اليوم نجحت في شلّ هذه القدرات؟
بطبيعة الحال، يرتبط دخول الحزب في المعركة بالحاجة الإيرانية لذلك، وبما إذا كانت الولايات المتحدة ستدخل رسميًا على خط المواجهة.
فرغم الضربات الموجعة التي تلقاها الحزب، من اغتيالات وخروقات واستهدافات لمخازن الصواريخ، إلا أنه لن يقف متفرجًا على استهداف داعمه الرئيسي لسنوات من دون ردّ.
المصدر: مقال رأي