logo
logo
logo

مقالات

خياران لا ثالث لهما... ماذا يريد الحزب؟

خياران لا ثالث لهما... ماذا يريد الحزب؟

إليانا ساسين- 

نزع السلاح، سحبه أو حصره... ثلاث كلمات تختصر رسالة واحدة باتت جليّة: "لا سلاح خارج الشرعية اللّبنانية". 

هذا التوجّه ظهر بوضوح منذ خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية جوزيف عون في 9 كانون الثاني، يوم تسلّمه منصب الرئاسة، وتجدّد تأكيده مع الحكومة الأولى في عهده برئاسة نواف سلام، الذي كرّر أكثر من مرّة أنّ قرار حصرية السلاح سيُطبَّق.
 

من يدعم هذا المبدأ؟

الواضح أنّ الثنائي الشيعي أصبح وحيدًا في موقفه الرافض لحصر السلاح. 

في المقابل، القوّات والكتائب والنواب المستقلون كانوا منذ البداية مع تسليم سلاح حزب الله للدولة.

الجديد أنّ التيار الوطني الحر، الحليف الأبرز للحزب منذ اتفاق مار مخايل عام 2006، أعلن عبر رئيسه جبران باسيل أنّ وظيفة سلاح حزب الله سقطت.

أمّا الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي تقلبت مواقفه على مرّ السنوات، فبعد دعمه الواسع للحزب وسلاحه خلال الحرب، التحق اليوم بجبهة المؤيدين لحصرية السلاح بيد الشرعية.

وفي السياق نفسه، فاجأ النائب طوني فرنجية بإعلانه أنّ لبنان يحتاج إلى حصر السلاح بيد الدولة والجيش، في إشارة واضحة إلى ميل تيار المردة نحو الموقف ذاته، وإن لم يصدر بعد بيان رسمي يؤكد ذلك.
 

المسار نفسه انعكس داخل الحكومة. ففي الجلسات التي أُقرّ فيها بند حصرية السلاح، لم ينسحب أي وزير باستثناء وزراء الثنائي. 
حتّى وزير المال ياسين، ابن البيئة نفسها، الّذي تغييب عن حضور الجلسات أعلنها بصراحة:" أجدد التأكيد على موقفي الثابت بحصرية السلاح بيد الجيش".  

هذه المواقف أسقطت المقولة التي رُوّج لها طويلاً بأنّ "اللبنانيين يؤيدون بقاء سلاح الحزب". 
فالوقائع أظهرت أنّ الثنائي الشيعي وحده يتمسّك به، خوفًا من خسارة ورقة القوّة التي استخدمها لسنوات في وجه باقي الأفرقاء.


ما الّذي فعله سلاح "حزب الله" بلبنان؟  

منذ عقود، أبقى "حزب الله" سلاحه تحت ذريعة "المقاومة والدفاع عن لبنان". غير أنّ هذه الذريعة انهارت يوم قرّر، في 8 تشرين الأوّل، فتح جبهة دعم لغزّة من دون أي مشاورة داخلية، رافعًا شعار "شهداء على طريق القدس". 

وهنا يطرح السؤال نفسه: أين مصلحة لبنان في هذه المعركة؟ ولماذا لم تُفتح الجبهة لتحرير الأراضي اللّبنانية المحتلة سابقًا؟

النتائج كانت باهظة: آلاف الشهداء الّذين سقطوا في قضية ليست لبنانية، آلاف الجنوبيّين الّذين فقدوا بيوتهم مقابل تعويضات وُصفت بأنّها غير كافية، ووعود بالإعمار لم تتحقّق بعد. 

في المقابل، استغلّت إسرائيل هذه الذريعة لتنفّذ مخططاتها: اغتيال قيادات بارزة من الحزب، تفجير منازل، أسر عناصر ومدنيين، وصولًا إلى ضرب كامل لبنية الحزب العسكرية. ومع ذلك، الأشد وقعًا كان سقوط ما سُمّي لسنوات بـ"قوّة الردع"، التي لم تعد موجودة.

وبالرغم من هذا بدلاً من مواجهة العدو، خرج الأمين العام للحزب مهدّدًا الداخل: إمّا أن يبقى السلاح في يده، أو يدمَّر البلد وفق معادلة "عليّ وعلى أعدائي". 


ماذا اليوم؟ 

اليوم، لبنان أمام خيارين لا ثالث لهما:

إمّا القبول بالورقة الأميركيةّ، الّتي تفرض حصرية السلاح بيد الدولة، مقابل التزام إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس، إعادة الأسرى، تثبيت الحدود ووقف الاعتداءات، ما يفتح الباب أمام انتعاش اقتصادي وإعادة إعمار القرى الجنوبيّة تحت حماية الجيش اللّبنانيّ.

أو رفض هذه الورقة، بما يعنيه ذلك من استمرار الاستباحة الإسرائيليّة وتصعيد العمليات داخل لبنان.


ماذا يريد حزب الله؟

حتّى اليوم، لم يتقبّل "حزب الله" حقيقة انّ "زمن الأوّل تحوّل". الحزب الّذي لطالما تمسّك بسلاحه، يجد نفسه اليوم وحيدًا في مواجهة ضغوط داخلية وخارجية متصاعدة تطالب بتسليمه، بعدما تبيّن أنّ هذا السلاح لم ينجح في حماية لبنان.

أمام هذه الضغوط، لجأ الحزب إلى أساليب ضغط داخلي، من بينها توجيه التهديدات وفتح فجوات في العلاقة مع بعبدا. كما استدعى حضور القادة الإيرانيّين إلى لبنان لإظهار أنّه ما زال يستند إلى دعم خارجي يوفر له الغطاء والشعور بالقوّة.

لكن الخيارات باتت واضحة ولا تحتمل المواربة: إمّا تسليم السلاح بما يفتح الباب أمام خلاص لبنان، أو الاستمرار في التشبّث به، بما يعنيه ذلك من جرّ البلاد نحو مزيد من الانهيار والهلاك. والسؤال يبقى معلّقًا: ماذا يريد "حزب الله"؟