
وصل قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى ساحة الشهداء للمشاركة في اللّقاء المسكوني والحواري بين الأديان. وقد استقبله لدى وصوله البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وشيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى. ويأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز الحوار والتقارب بين مختلف المكوّنات الدينية في لبنان.
بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان
أكد بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان، خلال لقائه قداسة البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء، أنّ لبنان هو "رسالة" كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني، ليس مجرّد بلد بل نموذج يحتذي به العالم. وأشار يونان إلى أنّ الزيارة البابوية تتزامن مع محطتين بارزتين: الذكرى الأولى للمجمع المسكوني، والدعوة المتجدّدة إلى الحوار بين الأديان. ورأى أنّ حضور البابا في بيروت يشكل دافعًا لتعزيز الإيمان وترسيخ العيش المشترك والاحترام المتبادل بين مختلف المكوّنات. وختم بالتأكيد على ضرورة أن يكون الجميع صانعي سلام في لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط.

مفتي الجمهورية اللّبنانية الشيخ عبد اللّطيف دريان
من جهته، أعرب مفتي الجمهورية اللّبنانية الشيخ عبد اللّطيف دريان عن سروره باستقبال قداسة البابا لاوون الرابع عشر في لبنان، واصفًا البلد بأنّه نموذج للتعايش وغنى للإنسانية، مؤكّداً أنّ الدستور اللّبناني يضمن للطوائف حقوقها في ممارسة شرائعها الدينيّة، مرحّبًا بالبابا بوصفه "ضيف لبنان الكبير" وبين "محبيه وإخوانه". كما تمنّى له التوفيق في قيادة “السفينة المسيحية”، مشدّدًا على أنّ "لبنان هو أرض الرسالة وحامل رايتها، وأنّ اللّبنانيين مؤتمنون دينيًا وأخلاقيًا على مواصلة هذه الرسالة حتى يسود الأمن والسلام في العالم".
نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب
بدوره، رحّب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب بقداسة البابا لاوون الرابع عشر في لبنان، مؤكّدًا أنّ المجلس والطائفة الشيعية يستقبلانه باسم الإخوة في الإيمان ونظراء الخلق، مشدّدًا على أنّ الاختلاف بين البشر تحكمه لغة الحوار. وأعرب الخطيب عن تقديره لزيارة البابا في الظروف الراهنة، مشيرًا إلى أنّ الكرسي الرسولي لطالما اعتبر لبنان رسالة، ومعربًا عن أمله بأن تسهم الزيارة في دعم الوحدة الوطنية التي تأثّرت بفعل الأوضاع الصعبة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة. وأوضح أنّ غياب الدولة دفع أبناء الطائفة للدفاع عن لبنان في مواجهة الاحتلال، مؤكدًا أنّهم ليسوا دعاة سلاح ولا تضحية، وواضعًا قضية لبنان بين يدي البابا على أمل أن يساهم المجتمع الدولي في مساعدة البلاد على الخروج من أزماتها، وفي مقدمها الاعتداءات الإسرائيلية.
بطريرك السريان الارثوذكس مار إغناطيوس افرام الثاني
أمّا بطريرك السريان الارثوذكس مار إغناطيوس افرام الثاني، لفت إلى أنّ زيارة البابا لاوون الرسولية جاءت في وقت حساس من تاريخ هذه المنطقة، موضحاً أنّها "تشهد اضطرابات كثيرة"، وآملاً أنّ تنتج إستقراراً لم تعرفه منذ زمن بعيد. وأضاف: "في لبنان أدركنا أن البلد لا يكتمل إلّا بأخيه، والمشرق ليس حدوداً يُرسم على الحائط بل حياة تُعاش والعيش المشترك ليش شعاراً بل حوار حياة".
شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى
أكّد شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، أهميّة الصلاة المشتركة من أجل خلاص لبنان والمنطقة، والدعوة إلى تحويل الألم إلى أمل والتمسّك بالشراكة الوطنية باعتبارها مظلّة العيش الواحد. ورأى أنّ قوة لبنان تنبع من دوره لا من حجمه وعدد سكانه، معربًا عن ثقته بأن الخير سيتغلّب على الشر. وأشار أبي المنى إلى أنّ الزيارة البابوية تشكّل دعوة للارتقاء والمحبة وفتح أبواب الرحمة المسيحية والإسلامية وإغلاق منافذ التعصّب والتطرّف، ليعلو صوت السلام فوق أصوات الحروب.
البابا لاوون الرابع عشر
أكد قداسة البابا لاوون الرابع عشر، أنّ الحوار في الشرق الأوسط يرتكز على الروابط الروحية التي تجمع المسيحيّين مع المسلمين واليهود، مشدّدًا على أنّ هذه الروابط تشكّل أساس التفاهم والعيش المشترك.
وأشار البابا إلى أنّ أنظار العالم تتجه منذ سنوات عديدة نحو الشرق الأوسط، حيث تنظر الإنسانية بقلق وإحباط إلى الصراعات المؤلمة، مؤكّدًا أنّ شعب لبنان بمكوناته الدينية المختلفة يذكّر الجميع بقوة أنّ الأحكام المسبقة ليست حاسمة، وأنّ المصالحة والسلام ممكنان. وأضاف أنّ لبنان يشكّل شهادة حيّة على قدرة المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم على العيش معًا في بلد يتحلى بالحوار والاحترام المتبادل.
وشدّد البابا على أنّ الحوار يجب أن يرفض التفرقة والاضطهاد، مبيّنًا أنّ لبنان معروف بأرزه الشامخ، بينما تشكّل شجرة الزيتون حجر الأساس في تراثه، وهي مذكورة في النصوص المقدسة لدى الإسلام والمسيحيين واليهود على حدّ سواء. وأوضح أنّ هذا الحوار لا تحكمه اعتبارات سياسية أو اجتماعية، بل الإيمان ذاته، داعيًا الجميع لأن يكونوا دعاة سلام.
وغرس البابا لاوون الرابع عشر شجرة زيتون مباركة خلال اللّقاء المسكوني في ساحة الشهداء.
