كتب د.حسام حمزة
تعقيب على تحليل الإعلامية مريم البسام لبيان الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم:
تفاعلاً مع تحليل الإعلاميّة مريم البسام لبيان الشيخ نعيم قاسم، والذي سعت فيه لتوضيح أنّ البيان لا يدعو إلى "الحرب والصراع" بقدر كونه موقفًا سياسيًّا داعمًا لإيران، أرى أنّ هذا التوضيح، رغم أهميّته، يصطدم بسياق إقليميّ معقد وتراكم تاريخيّ لخطاب "محور المقاومة".
إنّ صدور تصريح "عدم الحياد" من شخصيّة قياديّة عليا في الحزب، في ظلّ اعتداءات إسرائيليّة يوميّة على لبنان وتوتر إقليميّ متصاعد، يثير قلقًا مشروعًا، لا يجب أن ننفيه أو نؤكده. ففي بيئة كهذه، يمكن لـ "عدم الحياد" أن يُفهم بسهولة على أنّه تمهيد للانخراط في الحرب، حتى لو لم يُذكر ذلك صراحة.
تكمن الإشكاليّة الرئيسيّة في صعوبة فصل "عقول خصوم الحزب"، وحتى جزء من جمهورها (الأصدقاء)، بين الدعم السياسيّ والتحرّك العسكريّ، خاصّة عندما يكون المتحدث هي المقاومة نفسها.
فخطاب "وحدة الساحات" الذي ربط بين الجبهات المختلفة واعتبر أي اعتداء على طرف في المحور اعتداءً على الكل، قد ترسخ لعقود طويلة. وبالتالي، عندما يقول الأمين العام "لسنا على الحياد" و"نتصرف بما نراه مناسباً" لدعم إيران، فإن هذا يُفسّر عبر عدسة "وحدة الساحات" مع وقف التنفيذ، ولا يفترض نفي التدخل أو اثباته.
السيناريو الحاليّ، الذي تشهد فيه إيران هجومًا بينما الجبهة اللبنانيّة الجنوبيّة تبدو هادئة نسبيًّا بعد حرب ضروس، لم يكن أحد من الخصوم يفكّر به حتّى بالأحلام، فهو يخلق تباينًا حادًّا بين الخطاب التاريخيّ للحزب وواقع الحاضر.
هذا التباين لا يغذّي سرديّة خصوم الحزب القائمة على "جر لبنان إلى حرب لأجل إيران" التي روّج لها على مدى سنين، "سقطت" لأنّها لم تحصل إلى الآن. إنّ الاعتقاد بأنّ هدوء الجبهة الجنوبيّة او اللبنانيّة هو نتيجة مباشرة لحرب الإسناد، وليس قرارًا ضمنيًّا من الحزب، يزيد من هذا الالتباس.لذا، فإنّ التخوّف من دخول المقاومة الحرب هو تخوّف مبرر، ولا ينبع بالضرورة من سوء فهم لبيان واحد، بل هو نتاج تراكم لسنوات من الخطاب السياسيّ والعسكريّ الذي ربط مصير الجبهات.
وبينما تسعى الإعلامية مريم البسام لتصوير البيان على أنّه مجرّد تعبير سياسيّ غير ملزم عسكريًّا، فإنّ الواقع يشير إلى أنّ أي تصريح صادر عن قيادة الحزب في هذه المرحلة الحسّاسة، مهما حاول أن يكون دبلوماسيًّا، سيثير القلق والتساؤلات حول النوايا الحقيقيّة والتصرفات المحتملة، ما دامت عقول المتلقين، لا سيما الحزب، تجد صعوبة بالغة في الفصل بين الدعم السياسيّ والتحرّك العسكريّ في سياق "وحدة الساحات".
هؤلاء الخصوم حاليًّا ما بين من لا يريد انخراط الحزب في الحرب فعلًا، وبين من يصلّي يوميًّا لعودة الحرب على الحزب. وليس المهم كيف قرأ خصوم الداخل البيان، المهم كيف تلقفه العدو الاسرائيليّ وماذا يحضّر للحزب.
المصدر: د.حسام حمزة - مقال رأي