logo
logo
logo

مقالات

الحرب الكبيرة على لبنان آتية لا محالة فمتى ستنطلق الشرارة الأولى؟

الحرب الكبيرة على لبنان آتية لا محالة فمتى ستنطلق الشرارة الأولى؟

- كتب أحمد نصرالله - 

 

منذ انطلاق أحداث 7 أوكتوبر عام 2023، كان الحديث في لبنان دائمًا عن الحرب، هل ستحدث؟ متى ستبدأ؟ هل ستكون فقط في الجنوب؟ 

 

أخطأ كبار المحللين في توقعاته بسبب عدم صحة المعلومات الميدانية التي كانت متوفرة في هذه الفترة، كل ذلك وسط إصرار بيئة الحزب على عدم وجود حرب كبيرة أو على الأقل استبعاد هذا الأمر، على المقولة اللبنانية "ما بيصير شي"، وهم يرددون هذا الأمر الآن أيضًا.

 

تخويف الناس والمساس بأرزاقهم ومعنوياتهم أمر مرفوض، ولكن بالمقابل طمأنة الناس وحجب الحقيقة أيضًا مرفوض، إليكم الأسباب التي تدعم لا بل وتؤكّد حتمية حصول حرب كبيرة جديدة: 

 

سلسلة غارات.webp

 

1- إسرائيل تريد قرى الخط الأول والثاني منطقة عازلة

 

كما هو معروف عن إسرائيل، وبالمفهوم العسكري، أفضل طريقة لكسب الحروب هي عبر خوضها في أرض العدو وليس في أرضك.

 

ما تفعله إسرائيل من إلغاء للحياة في قرى الخط الأول المُدمرة في الأصل، هو إنشاء هذه المنطقة العازلة من أجل تأمين حدودها، فبحال حدوث أي معركة في المستقبل، المعركة ستكون في الأراضي اللبنانية، ما يُعطي أمانًا كبيرًا للمناطق الإسرائيلية الحدودية، عكس الحرب الأخيرة.

 

2- استهداف المدنيين بوتيرة متصاعدة

 

بالنظر إلى مشروع "إسرائيل الكبرى"، تهجير المدنيين وتدمير مقومات الحياة في الجنوب سيكون المفتاح لاحتلال هذه الأرض في المستقبل.

 

عدم الاكتراث لحياة المدنيين عبر الاستهدافات ليس عشوائيًا، هامش الخطأ عند الإسرائيلي في مسيّراته ضئيل جدًا، وتكرار قتل المدنيين سيضفي شعورًا بالخوف عند جميع السكان، فتبدأ موجة الهجرة وليس النزوح لمن يستطيع، ومن لا يستطيع سيسعى إلى ذلك.

 

مجزرة بنت جبيل.jpg

 

3- الضغط الداخلي على الحزب

 

لا يخفى على أحد ارتفاع مستوى الضغط الداخلي على الحزب من قبل الفريق الآخر، وفي طليعتهم مسؤولو حزب القوات اللبنانية.

 

فتصريح رئيس جهاز الإعلام والتواصل، شارل جبور، بالطلب علنًا من أميركا التدخل في 72 ساعة لنزع سلاح الحزب، هو خير دليل على رمي كل شيء في هذه المرحلة الحساسة، ما سيزيد الأمر تعقيدًا على مختلف الأصعدة.

 

تصريحات أخرى من هذا الفريق أعطت لإسرائيل الحق بالقيام بما تقوم به، عبر الجزم بأن لبنان والحزب لم يطبقا الاتفاق.

 

رئيس الحكومة نواف سلام قدم نفسه كرجل الولايات المتحدة الأول بشكل واضح، وهو لا يحاول أصلًا أن يغير هذه الصورة، عكس الرئيس جوزيف الذي يحاول مداراة بيئة الثنائي قدر الإمكان عبر تصريحات معسولة التي لا تغير شيئًا  سوى بصب الغضب كله على سلام، لأنه في الباطن لن يكون حجر عثرة في تنفيذ عملية سحب السلاح التي ستؤدي حتمًا لاحتلال الجنوب أو جعله غير مؤهل للسكن.

 

شارل جبور.jpg

 

4- الطائفة الشيعية تحتضر اقتصاديًا وعقاريًا

 

هل لاحظ أحد عدد البيوت المعروضة للبيع في الجنوب؟ هل لاحظ أحد كم انخفضت أسعار الشقق السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت؟ 

 

بعيدًا عن أسعار العقارات، العجلة الاقتصادية في الضاحية، الجنوب والبقاع تراجعت كثيرًا، فغياب الوضع الأمني المستقر سيلقي بنتائجه على أصحاب المصالح، لا سيّما البعيدة عن المواد الغذائية والمطاعم.

 

هل سيستطيع الحزب تحمّل هذا الوضع؟؟

 

حتمًا لا، الحزب يقول إنه تعافى ولكن لا مؤشرات واضحة على ذلك لكن ما هو الخيار الثاني؟ الموت البطيء لهذه البيئة ولأهل الجنوب، هل تتخايلون أن يبقى الوضع على ما هو عليه لمدة عام آخر مثلًا؟ كيف ستكون الحياة في الجنوب؟ كيف ستكون الحياة في علي الطاهر وبنت جبيل وكفر رمان وكفرتبنيت وكفرا؟ 

 

أمام هذه المؤشرات التي تحاصر النمر الجريح في الزاوية، إما أن ينقض على الصياد بضربة تعطيه مجالًا حقيقيًا للتعافي، وإما أن يموت النمر متأثرًا بجرحه الذي لم يجد دوائه بعد.

 

إسرائيل في لبنان.webp

 

التوقيت

 

 لا يُمكن لأحد توقّع توقيت دقيق للأمر، فمن توقع بأيلول ملتهب فشل، ومن توقع بحرب بين إيران وإسرائيل في آب وأيلول فشل أيضًا، ولكن لا يُمكن أن يستمر الوضع في لبنان على حاله لأكثر من أشهر معدودة، وبعد ذلك سنكون إما أمام جولة قتال أو أمام اتفاق تاريخي سحري بين إيران وأميركا، يعطي انعكاساته على بلدنا.

 

وأمام الواقع الأميركي الإيراني المتأزم حاليًا، خيار الحرب مطروح وبقوة، فإما أن يعيد الحزب تثبيت معادلة الردع، أو أنّ نصف الجنوب سيكون محتلًا كما كان الحال قبل التحرير.


المصدر: مقال رأي