
باسل الدنف-
بغد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في غزة، دخل لبنان في العد العكسي للسيناريوهات المطروحة عليه، رغم عدم وجود رسائل أميريكية وغربية وعربيّة للحكومة اللبنانية بحرب إسرائيلية موسّعة على لبنان، لكن لا ضمانات بهذا الشأن.
وفي السياق سنعرض ما لم تحقّقه إسرائيل من مختلف الجبهات خلال السنتين وما الأسباب التي تدفع إسرائيل بالعودة إلى القتال في لبنان.
محاولات باءت بالفشل
دخل نتنياهو في حرب إبادية لمدة سنتين في قطاع غزة لينهي حركة حماس، والمشهد من غزة يقول بأن فعلاً الحركة انتهت، لكن المفاوضات التي حصلت ورد الحركة على مقترح ترامب قلبت المعادلات، حيث وضعت سقفاً واضحاً لمطالبها: وقف التهجير، الإفراج عن "جميع الاسرى"، الإنسحاب الكامل وتقديم المساعدات. باختصار، حماس فاوضت بأسلوب خصمها وفرضت قواعد اللعبة بالتالي نتنياهو لم يحقق تماماً أهداف الإبادة التي قادها. ولكن لا يمكن إلّا الوقوف أمام الحقيقة الموجعة: دمار هائل، أعداد شهداء إبادي.
من الجانب الآخر، شنّ نتنياهو حرب على إيران، وأسفرت هذه الحرب عن مقتل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين، وقادة في الحرس الثوري، وعلماء نوويين بارزين بالإضافة إلى منشآت نووية رئيسيّة كنطنز وأصفهان وفردو. وكان الهدف الرئيسي منع إيران من حصولها على "النووي"وتضعيف قدراتها.
ولكن كل التقارير الإيرانيّة تتحدّث عن الاستمرار في البرنامج النووي إضافةً إلى أنّ إيران جدّدت معادلتها مع إسرائيل: دمار في وجه دمار- قتلى بوجه قتلى.
بالنسبة إلى اليمن، نقل محللون إسرائيليون أن جماعة الحوثي تستمر في اسغلال كل فرصة لتعميق تأثيرها على إسرائيل، مستفيدة من العزلة النسبية التي تواججها الأخيرة بعد توقف الدعم الأميركي في البحر الأحمر تاركةً إسرائيل تواجه الحوثيين وحيدة، مما يجعل أي محاولة لتوسيع العمليات العسكرية غير كافية لتحقيق حسم استراتيجي، وأضاف أن اليمن قادرة على استثمار أي فرصة لتحقيق مكاسب وفق مصالحهم الخاصة.
أما في لبنان، رغم جريمة القرن "البيجر" التي فعلها العدو الإسرائيلي والدمار الكبير والإغتيالات واستشهاد السيد حسن نصرالله واستمراره في احتلال مواقع استراتيجيّة على طول الحدود مع لبنان، إلّا أنّه وخصوصاً خلال فترة الحرب لم تستطيع إسرائيل منع الحزب من الإستمرار وأجبرت الجيش الإسرائيلي من خلال العمليات البرية للتراجع وتوسيع العمليات الإسرائيلية في لبنان، وهذا سبّب فشلها في تحقيق أهدافها البريّة في لبنان آنذاك. بحسب خبراء عسكرين ومحللين وبحسب بعض المواقع العبرية لم يحقق نتنياهو كامل أهدافه في لبنان. ولهذا السبب هناك ضغط دولي كبير على الحكومة اللبنانية في قضية السلاح.
إسرائيل دمّرت وقتلت وأبادت وأضعفت محور بأكمله بلا شكّ، ولكن بلغّة الجروب والعسكر، مقياس تحقيق الانتصار يُبنى على تحقيق الأهداف: من الواضح أنّ محور المقاومة لم ينتصر وتكبّد خسائر ضخمة ولكن الأكيد أيضًا أنّ إسرائيل لم تحقّق أهدافها.
تصعيد محتمل في أي لحظة
لا تستطيع إسرائيل أن تقوم بأي عملية من دون موافقة ودعم والولايات المتحدة لها التي تدعمها بشتّى الطرق لا سيما التكنولوجية والإستخباراتية، في ظل مشروع السلام الذي يتحدث عنه دوماً الرئيس الأميريكي دونالد ترامب.
لكن تبقى الحكومة الحالية المتطرفة تبحث عن مخارج لها بسبب فشلها أمام الشأن العام، لهذا من المحتمل أن تعود لتنقل أزماتها الداخلية إلى الخارج عبر استراتيجية استئناف القتال ومن الممكن أن يكون لبنان في الطليعة.
في نهاية المطاف، على لبنان أن يكون مستعداً لكل السيناريوهات لأن لا أمان في وجود هذا الكيان.