عاد النزاع التاريخي حول ملكية القرنة السوداء إلى الواجهة مجددًا، بعد صدور قرار قضائي عن القاضي العقاري في الشمال بتاريخ 24 حزيران 2025، حسم بموجبه الجدل القائم وأثبت أن العقار المتنازع عليه يقع ضمن النطاق العقاري لبلدية بشري، مستندًا إلى وثائق وخرائط رسمية تعود إلى عقود سابقة.
ورحّبت بلدية بشري بالقرار، واعتبرته تتويجًا لمسار قانوني طويل أثبت حقوقها، فيما سارع عدد من فعاليات الضنية، وتحديدًا في بلدة بقاعصفرين، إلى رفض القرار، معتبرين أنه يتناقض مع الواقع التاريخي والطبيعي للمنطقة، حيث تُعد القرنة جزءًا من "مرجعية الضنية"، بحسب تعبير رئيس بلدية بقاعصفرين والنائب السابق جهاد الصمد.
وفي هذا السياق، شدد الصمد على أن "القرار العقاري إعدادي وليس نهائيًا"، داعيًا إلى تصحيحه وعدم اعتماده كمرجعية. من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال شادي السيّد أن "من يحاول فصل القرنة عن الضنية كمن يسعى لانتزاع ولد من أمّه"، داعيًا إلى اعتماد "معادلة كاملة للعدالة" تشمل التاريخ والجغرافيا لا فقط المستندات الإدارية.
وكان الخلاف حول القرنة السوداء قد تصاعد في السنوات الماضية بسبب الخلاف على الموارد المائية، إذ تعتمد الضنية على نحو 19 نبريشًا من المياه المتدفقة من القرنة، وأي محاولة لتوسيع الاستفادة من قبل إحدى البلدات تثير التوتر بين الطرفين. كما تفاقم النزاع سابقًا مع إنشاء بركة مياه ضمن مشروع تابع لوزارة الزراعة دون توافق محلي.
النائب ستريدا جعجع أكدت، في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي، ضرورة احترام السلطة القضائية، محذّرة من محاولات تسييس الملف أو تحويله إلى نزاع طائفي. وشددت على التمسك بحُسن الجوار مع أهالي الضنية، داعية الجميع إلى الإحتكام للدولة وحدها كمرجعية، لا إلى الخطابات المتشنجة أو الاصطفافات.
وكانت المنطقة قد شهدت سابقًا محاولات لترسيم الحدود بين بشري وبقاعصفرين، أفضت إلى توافق ميداني خفّف من التوتر، خاصة بعد تدخل الجيش اللبناني وبعض المؤسسات الرسمية لإعادة رسم الخطوط الفاصلة بناء على الخرائط العقارية القديمة.