
- أحمد نصرالله -
تستمر الوفود العربية والأجنبية بالوصول إلى لبنان في سبيل "محاولة منع التصعيد" الإسرائيلي المتوقع في الأسابيع القليلة المقبلة، وهي تدرك أن جهودها إما شكلية أو غير مجدية.
آخر هذه الوفود كان وزير خارجية مصر، الذي زار الرئيس جوزاف عون والرئيس نبيه بري، حيث أوضح أنه يدعم القرارات اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة في جنوب وشمال الليطاني، وبالالتزام بعدم القيام بأي عمل عدائي تجاه إسرائيل، وبمطالبة إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس.
أما المنسقة الأممية في لبنان، قالت إنّ "الحوار والتفاوض سيساعدان في إرساء تفاهم متبادل ويمهدان الطريق للأمن والاستقرار"، وكأنها في اختبار إنشاء في اللغة العربية، أو أن هذه الكلمات يجب أن تٌقال من أجل تسجيل الحضور الوظيفي.

على غرار الحرب الماضية، تستمر التوقعات المفاجئة من قبل العديد من المحللين السياسيين حول إمكانية حصول الحرب، حيث يستبعد البعض، سواء من بيئة الحزب أو خارجها، أن تتوسع لتشكل "حرب شاملة".
لا أدري حقًا من أين كل هذه الثقة، الحزب قدم أكثر من 350 شهيدًا منذ توقيع وقف إطلاق النار من أجل أن يسلم سلاحه الآن؟ حتمًا لا
إذًا الحزب يستعد لهذه الحرب، سواء في جنوب الليطاني أو في شماله، وهو يشتري الوقت يومًا بعد يوم من أجل تفادي كل نقاط الضعف التي كانت موجودة في حرب "أولي البأس".
أتفهم إجبارية أن يقوم موقع رئاسة الجمهورية، وموقع رئاسة الحكومة، هذه التصريحات، كون البلد الآن تحت الوصاية الأميركية الرسمية (في مراكز الدولة)، وكون الحضن العربي يطلب هذه التصريحات وما هو "حدًّا" أكثر منها.
أجمل ما في الأمر هو تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، مع الاحترام لمنصبهم ولشخصهم ولكن أين يعيشون؟
المبالغة في هذه التصريحات حول نزع السلاح، لا سيما من رئيس الحكومة الذي يعتبر كرأس الحربة بوجه الحزب، تعطينا أحيانًا طابعًا بأننا مقبلون على عملية سلسلة لتسليم السلاح، وبأن الإسرائيلي سينسحب بعد ذلك، وسنعيش بسلام وتنتهي مأساتنا.
تستمر الاستفزازات اليومية للحزب من كل حد وصوب، داخليًا تقود القوّات اللبنانية وعلى رأسها شارل جبور هذه الحملة، بما فيها من دعوات للإسرائيلي من أجل ضرب الحزب والإجهاز عليه عسكريًا وعقائديًا.
إسرائيليًا يقود أفيخاي أدرعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، حملة الاستفزازات والشماتة، آخرها كان بنشر صورة لجندية إسرائيلية في نهر الليطاني.
كل ذلك لن يمر مرور الكرام، وأنا لا نصرًا أو هزيمة في الحرب المقبلة بالنسبة للحزب، بل أتوقع قتالًا غير مسبوقًا، ببساطة، لأنه قتال وجودي.
الهزيمة في الحرب المقبلة لن تكون مجرد "هزيمة"، بل ستكون لكل القرى في جنوب الليطاني لمدة غير معروفة، لأن الإسرائيلي لن يكتفي حينها بالقرى الأمامية كمنطقة عازلة، بل سيطمع بما هو أكثر من ذلك بكثير.
سيناريو الانتصار وفرض الشروط يختلف بحسب مستوى الانتصار الذي من الممكن أن يحصل، فإطلاق صواريخ على شمال إسرائيل لمدة أيام متواصلة بعد كل ما حصل هو انتصار، طرد الإسرائيليين من المواقع الخمسة هو انتصار آخر، الصمود من دون تغيير وتيرة إطلاق الصواريخ أيضًا انتصار.
أما أسر جنود إسرائيليين مع كل هذه السيناريوهات، من شأنه أن يفرض شروطًا تعيد معادلة الردع التي كانت موجودة من 2006 إلى 2024، وربما ما هو أكثر من ذلك.
المصدر: مقال رأي