
_ماري-جوزيه السّاحلاني
اليوم هو السّابع من تشرين الأوّل 2025، الذّكرى الثّانية لبدء الحرب على غزّة. بعد عمليّة "طوفان الأقصى".
في مثل هذا اليوم منذ عامين، نفّذت حماس هجومها في الدّاخل الإسرائيلي. حينها فُتحت أبواب الجحيم على غزّة. منذ ذلك اليوم لم تهدأ الغارات ولم تتوقّف المجازر.
ولم تقتصر الهجمات على فلسطين فحسب، بل امتدت لتشمل دول كثيرة في المنطقة منها لبنان.
شرق أوسط جديد؟
بعد السّابع من تشرين ليس كما قبله، فبعد عمليّة "طوفان الأقصى"، بدأ الحديث عن شرق أوسط جديد، وعن أنّ الحروب في المنطقة لن تنتهي إلّا بتوقيع إتّفاقيّة سلام مع إسرائيل وإعتراف من كامل دول الشّرق الأوسط.
تتمثّل الضّغوط الإسرائيليّة في نواحٍ عديدة، اقتصاديّة، عسكريّة واجتماعيّة، وربّما الحرب الاجتماعيّة تكون الأخطر، إذ تسعى إسرائيل إلى زرع الفتنة والانقسامات بين أبناء المجتمع الواحد ولبنان خير دليل على ذلك.
معادلة الرّابح والخاسر
"في الحرب لا أحد يكسب الجميع خاسر" مقولة للسيّاسي البريطاني نيفيل تشامبرلين، تلخّص ما حصل منذ عامين حتّى اليوم. فلم تكن حماس وما يسمّى بمحور "المقاومة" الخاسر الوحيد في الحرب، بل إسرائيل أيضًا خسرت الكثير، إذ تسببت الحرب الأخيرة على غزّة بنقمة دوليّة كبيرة على إسرائيل تخلّلها اعتراف بدولة فلسطين، وتنديد بالإجرام الإسرائيلي.
إضافةً إلى فقدان الاستقرار في الحدود الشماليّة مع لبنان وعدم رغبة المستوطنين بالعودة إلى هناك خوفًا من أي انتكاسة أمنيّة جديدة، ما يزيد الأعباء الاقتصاديّة الداخليّة على إسرائيل.
إسرائيل فاجأت العالم بما تعرفه وما تمتلكه
انطلاقًا من كل التّطوّر التّكنولوجي والعسكري الذّي تمتلكه إسرائيل والذّي كبّد حماس وحزب الله وإيران خسائر فادحة، بالإضافة إلى المعلومات التّي حصلت عليها إسرائيل وسمحت لها باغتيال أكبر الشّخصيّات القياديّة، ولو كانوا "تحت سابع أرض". وعمليّة البيجيرز، يبقى السّؤال، كيف اخترقت حماس كل ذلك ودخلت في السّابع من تشرين إلى الدّاخل الإسرائيلي، ونفّذت عمليّة "طوفان الأقصى" من دون علم أو إحتياط إسرائيلي؟
إسرائيل "باركت" الطوفان الأقصى
هذا سؤال مشروع، فمنذ نشأتها، ارتكبت إسرائيل مجازر لا تعد ولا تحصى، وكانت وما زالت عدوّ لعدد كبير من الدّول العربيّة لا سيّما الدّول المجاورة، هذا يشرح ضرورة الاحتياطات الأمنيّة التّي تتّخذها لحماية نفسها وشعبها. إذًا كيف للعالم أن يصدّق، أنّ عناصر من حركة حماس، استطاعوا الدّخول إلى إسرائيل والبقاء هناك لساعات وقتل أكثر من 1000 إسرائيلي من دون تدخّل من السّلطات؟ أكثر من ذلك كيف لم يستطع الموساد الذّي اكتشف المخابئ والخطط السّريّة في لبنان وإيران واليمن وغيرها، من اكتشاف خطّة الحركة قبل تنفيذها؟
هذا الدّخول السّهل والتّنفيذ الأسهل للعمليّة، يطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت إسرائيل قد سمحت بحدوث الهجوم لاستغلال الفرصة والقضاء على حماس في غزّة وتهجير الفلسطينيين. ومن الممكن أن تكون "غضّة النّظر" هذه فرصة لتحقيق الحلم الإسرائيلي الكبير بإنشاء "دولة إسرائيل الكبرى".
فإسرائيل كيان بذكاء شيطاني، لنتناول فرضيّة معرفة إسرائيل بـ"الطوفان الأقصى": درست إسرائيل نتائج العمليّة وما يمكن أن يندرج منها في لبنان والجوار، ووجدت منها فرصة لتنفيذ كل ما كانت تخطّط له عسكريًّا واستخباراتيًّا، بعد سنوات من جمع الداتا خصوصًا داتا حزب الله.
في النّهاية الأسئلة كثيرة والواقع واحد، شعب مهجّر ومأساة لم تنتهِ. فهذه ليست الحرب الأولى وربّما لن تكون الأخيرة، لأنّ القصّة لم تنتهِ بعد وربّما يمكن القول أنّ الآتي أعظم.