- كتب أحمد نصرالله -
بعد ترقّب واسع لجلسة يوم الثلاثاء، صدر القرار الحكومي المتوقَّع بنزع سلاح الحزب ضمن مهلة أقصاها نهاية العام الحالي، على أن يقدّم الجيش خطّة تنفيذية لهذه الآلية بحلول نهاية آب.
لكن كيف ستكون آلية التنفيذ؟ هل سيُوضَع الجيش في مواجهة مباشرة مع الحزب؟ وما موقف عناصر الجيش المنتمين للطائفة الشيعية في هذه الحالة؟ وهل سينفّذ قائد الجيش قرار الحكومة؟
أصدر الحزب بيانًا واضحًا، جوهره تمثّل في العبارة: "سنتعامل مع هذا القرار كما لو أنه غير موجود"، في إشارة صريحة إلى رفضه وعدم الالتزام به.
كل هذه التساؤلات تُطرَح بقوة الآن، وسط أجواء ضبابية سادت الجلسة الأخيرة ولا تزال تُخيِّم على الشارع اللبناني.
صِدام لا مفرّ منه
بين الضغوط الخارجية بقيادة الولايات المتحدة والسعودية، وبين الخشية من الانزلاق إلى صِدام داخلي مع بيئة الحزب، قرّر رئيس الحكومة نواف سلام المُضي في خيار المواجهة، بشكل واضح وعلني.
هكذا أرادت الجهات الدولية، رغم محاولات رئيس الجمهورية منذ تعيينه لتدوير الزوايا وتفادي التصعيد الداخلي. لكن في لحظة الحقيقة، كان لا بد من اتخاذ قرار بين خيارين كلاهما مُرّ، فهل يكون هذا الخيار هو الأقل سوءًا؟
ما لم يطرأ أي تطور أمني مفاجئ، أو تدخل خارجي يُغيّر قواعد اللعبة، فإن البلد يتجه نحو صِدام داخلي حتمي. فلا ينخدع أحد بالهدوء الحالي، فهو مؤقت، أشبه بمُسكّن، إلى حين صدور أوامر تنفيذ القرار، حينها، الفوضى تبدو شبه مؤكدة.
موقف عناصر الجيش من الطائفة الشيعية
بطريقة لبنانية مباشرة ومن دون مواربة، من المُرجّح أن ترفض الغالبية الساحقة من عناصر الجيش المنتمين للطائفة الشيعية تنفيذ هذه الأوامر. بل وقد نشهد انقسامًا فعليًا داخل المؤسسة العسكرية في تنفيذ هذا القرار.
ولكن في الواقع اللبناني، الشيعة يُشكّلون نحو 30% من الجيش، إضافة إلى عناصر وضبّاط من طوائف أخرى قد يرفضون هذا الصدام من حيث المبدأ.
الحساسيات بين المناطق
لطالما شكّل الجيش صمام أمان للوحدة الوطنية في السنوات الماضية. فعند صدور قرار الحكومة الأخير، ولولا تدخل الجيش ومنعه خروج الدراجات النارية من الضاحية الجنوبية نحو مناطق أخرى، لكنا أمام يوم دموي لا يُحمد عقباه.
هكذا كان المشهد دائمًا: الجيش يضبط. لكن ماذا لو انقسم؟ هل سيبقى الوضع تحت السيطرة؟ هل ستبقى قراراته موحّدة؟ الجواب السريع: لا.
بيان الحزب بنبرة عالية
بعد أقل من 24 ساعة على تصريح رئيس الحكومة نواف سلام، أصدر الحزب بيانًا حادّ اللهجة أكّد فيه رفضه لقرار نزع السلاح، مشيرًا بوضوح إلى أنه "سيتعامل مع القرار كما لو أنه غير موجود". واعتبر أن القرار يصبّ في مصلحة إسرائيل ويُضعف لبنان، كما أنه مخالف للدستور وللبيان الوزاري.
التهديد التكفيري في البقاع
رغم أن الحدود السورية لا تزال تحت السيطرة، فإن الجيش اليوم يمسك بخيوط الأمن هناك بالتنسيق مع مختلف الجهات. لكن أي اضطراب داخلي قد يفتح ثغرات أمنية على الحدود.
الجميع يدرك أن عناصر "الشرع" ليست منضبطة حين يُطلب منها ذلك. ما جرى في الساحل والسويداء دليل واضح. فماذا لو صدرت أوامر لتلك العناصر باجتياح قرى في البقاع وبعلبك؟ هل سيكون الجيش، المنهمك بملف نزع السلاح، قادرًا على صد جماعات تمتلك خبرة طويلة في القتال؟
التشاؤم يفرض نفسه
لسنا من دعاة التشاؤم، لكن الواقع لا يبشر بالخير. لا أفق لأي حلول، والحزب لن يُسلّم سلاحه. وإذا فعل، فإسرائيل لن تفوّت الفرصة لتنفيذ مخططاتها التوسعية التي باتت تُعلن عنها جهارًا. استعدوا لموجة أحداث مفصلية سترسم شكل لبنان في السنوات المقبلة.
المصدر: مقال رأي