logo
logo
logo

مقالات

مسرحيّة نزع السلاح: لماذا يكذبون على بعضهم البعض؟

مسرحيّة نزع السلاح: لماذا يكذبون على بعضهم البعض؟

- كتب أحمد نصرالله - 

 

منذ التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني من العام الماضي، بدأت قضية نزع سلاح الحزب تُطرح استنادًا إلى نتائج الحرب الواضحة جدًا.

لا يمكن التغاضي عن هذه النتائج، فالتبعات العسكرية لأي معركة هي التي ترسم خريطة البلاد ومستقبلها على مختلف الأصعدة. لكن، هل كانت نتيجة الحرب الأخيرة كافية لفرض نزع السلاح من يد الحزب؟

 

الضغط الداخلي

قبل معركة الإسناد، وأثناءها، وخلال الحرب الكبرى، وحتى بعد انتهائها، ارتفعت أصوات العديد من الأحزاب بقوة ضد هذا السلاح، وبلغ هذا الصوت ذروته بعد الانتكاسة التي وقعت في تشرين الثاني، وما تبعها من معادلة جديدة سمحت لإسرائيل باستهداف من تشاء، متى تشاء، وأينما تشاء.

هذه المعادلة فرضت بدورها تغييرات في الداخل اللبناني، حيث باتت شخصيات معارضة للحزب تهاجم هذا السلاح بكل أريحية، وبسقف مرتفع وعلني.

 

سامي وسمير.jpg

إسرائيل بلا شك رسمت هذا المخطط ونفذته بدقّة، وهي تدرك تمامًا أن الأفرقاء اللبنانيين سينقضّون على الحزب بعد كل "إنجاز" إسرائيلي، فالسلاح، بحسب منطق هؤلاء، لم يستطع ردع إسرائيل من مهاجمة وتدمير الجنوب والضاحية، بل ردعه فقط في استكمال التوغل البري، والذي كان مخططًا له الوصول لصيدا.

 

الضغط الإسرائيلي الميداني

لا شك أن الجانب الإسرائيلي يفعل كل ما في وسعه للوصول إلى هذه الصيغة، من اغتيالات شبه يومية منذ وقف إطلاق النار، إلى تحليق مستمر للمسيّرات في سماء لبنان، وتوغلات وخطف وتمشيط شبه يومي على الحدود، بالإضافة إلى استهداف الضاحية الجنوبية في ثلاث مناسبات: واحدة كانت عملية اغتيال، واثنتان ترافقتا مع تحذيرات، إحداها طالت ثمانية أبنية في ليلة واحدة.

 

الضاحية الجنوبية.jpgالواقع: هل سيتم تسليم السلاح في ظل هذا الوضع؟

الجميع يعلم أن السلاح لن يُسلّم دون حرب أهلية. نحن نسرد الوقائع كما هي، دون عواطف. حزب القوات اللبنانية، وهو أبرز خصوم الحزب، يدرك أن هذا الطرح غير واقعي، كما أن الجيش اللبناني لن يدخل في مواجهة مع الحزب لأنه سيؤدي إلى انقسام داخلي.

 

ومع تصاعد خطر المتشددين والمتطرفين في سوريا، الذي تجلّى بوضوح في معارك الساحل والسويداء، باتت الحاجة إلى هذا السلاح تمتد إلى أكثر من جبهة.

 

أما بيئة الحزب، فلن ترضى بتسليمه. ولو أجرينا الآن استطلاعًا للرأي بين هذه البيئة المنهكة والجريحة والفقيرة نسبيًا بعد الحرب، لوجدنا أن التمسّك بالسلاح قد ازداد إلى مستويات غير مسبوقة، بفعل كل ما حدث وما يزال يحدث.

حرب أهلية.webp

 

إذًا، لماذا يكذبون على بعضهم البعض؟

مع تصاعد الضغط الأميركي، لا خيار أمام لبنان سوى السير في الاتجاه القانوني، خصوصًا أن الحزب هو تنظيم سياسي وليس جيش دولة. وبعد الانتكاسة في الحرب الأخيرة، ستستمر المفاوضات التي بدأت مع هوكستين ثم مورغان وصولًا الموفد الحالي برّاك، ولكن من دون نتائج تُذكر. الجميع يدرك ذلك، بما فيهم رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، وحتمًا رئيس مجلس النواب.

 

كيف ستكون نهاية هذا المسار؟

لنكن منطقيين، ونبتعد عن العواطف قدر الإمكان. هذه القضية لن تُحل إلا عبر أحد السيناريوهات التالية:

 

1. حرب إسرائيلية جديدة:  
من شأنها أن تزيد الضغط على الحزب إلى درجة قد تدفعه لحالة من الضعف، تسمح للولايات المتحدة بالتحرك داخليًا وخارجيًا لفرض تسليم السلاح.

2. حرب أهلية:  
قد تُفرض في حال فشلت المفاوضات بالكامل. لكن نتيجتها وإن كانت ستصب في مصلحة الحزب عسكريًا، فإنها ستؤدي إلى انهيار الدولة وإضعاف الجيش اللبناني. 

3. حرب تفرض معادلة جديدة
إذا كان الحزب قد تمكن من ترميم قدراته العسكرية، فقد يكون قادرًا على فرض معادلة ردع جديدة في أي حرب مقبلة، تعيد التوازن إلى ما كان عليه قبل 27 أيلول. حينها فقط، يمكن التوصل إلى هدنة حقيقية، بدل الوضع القائم الذي يشبه الحرب المستمرة.

 

سلاح الحزب.jpg


المصدر: مقال رأي