- كتب أحمد نصرالله -
مع دخول اليوم الثاني من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، يترقب الجميع مصير هذا الاتفاق الذي وصفه المحللون بأنه "هش"، في ظل غياب نتيجة حاسمة للقتال.
وكما هو الحال بعد كل حرب، تسارع الأطراف إلى ترميم قدراتها وسد الثغرات التي كشفتها المواجهات، تحسّبًا لأي تصعيد جديد قد يطرأ.
وفي هذه الجولة بين إيران وإسرائيل، يطرح السؤال: لصالح من تصبّ هذه "الاستراحة" عسكريًا؟
الجواب المباشر والواضح: إيران!
لا يختلف اثنان على أن إيران هي المستفيد الأكبر من هذه "استراحة المحارب"، فالاختراقات الواسعة التي تعرّضت لها البلاد تجعل من الضروري منحها وقتًا لإعادة تنظيم صفوفها.
إعادة توزيع المهام القيادية
بعد الضربة الاستباقية التي نفذتها إسرائيل، تجد إيران نفسها بحاجة ماسّة لإعادة هيكلة مواقع القيادة، خصوصًا العليا منها. فرغم تولي شخصيات بديلة هذه المناصب خلال المعركة، فإن ذلك تم بسرعة وفي ظروف حرب، أما الآن، فقد حان الوقت لاتخاذ قرارات استراتيجية أكثر عمقًا وثباتًا.
محاربة الخروقات وكشف الشبكات الاستخبارية
أظهرت الحرب الأخيرة حجم الاختراق الأمني الكبير داخل إيران، حيث تم الكشف عن عشرات العملاء المرتبطين بالموساد. وقد أُلقي القبض على عدد كبير منهم، أُعدم بعضهم، فيما لا يزال آخرون بانتظار المحاكمة. وهذا يعني أن هناك المزيد لم يُكشف بعد. كما برزت الحاجة الماسة لمواجهة الخروقات الإلكترونية، سواء عبر تطوير القدرات التكنولوجية أو ابتكار وسائل بديلة في حال تعذّر صدّ هذه الهجمات إلكترونيًا.
تعزيز الدفاعات الجوية
كشفت الحرب عن ثغرات واضحة في منظومة الدفاع الجوي الإيرانية. فعلى الرغم من إسقاط عدد كبير من المسيّرات، إلا أن الأجواء بقيت مكشوفة أمام الطيران الحربي الإسرائيلي، كما صرّح بذلك الأخير. لا يمكن لدولة بحجم إيران وبما تمتلكه من قدرات صاروخية وتكنولوجية في مجال المسيّرات أن تقبل بهذا الضعف في حماية مجالها الجوي. ولهذا، فإن استيراد أو تطوير منظومات دفاع جوي متقدمة أصبح ضرورة ملحّة.
ترميم مستودعات الأسلحة وتعويض الخسائر
كما حدث مع حزب الله في لبنان، يبدو أن إيران تكبّدت خسائر كبيرة في مستودعات الأسلحة التي جرى استهدافها خلال الضربات الإسرائيلية. وعليه، فإن المرحلة القادمة تتطلب ترميم هذه المستودعات، وتأمين مداخلها ومخارجها، وإعادة توزيع الأسلحة التي لم تُدمّر. كما أن أي موقع تم استهدافه بات مكشوفًا للإسرائيليين، ما يفرض نقل محتوياته بالكامل إلى أماكن أكثر أمنًا.
نقل اليورانيوم المخصب "بحال سلامته" إلى مكان سري جدًا!
هنا مربض الفرس، هل تم إنقاذ اليورانيوم المخصب كما قالت وسائل الإعلام الإيرانية؟ بحال نعم، إيران بالتأكيد ستفضّل أن يدفن في مكان بعيد عن التكنولوجيا وبعيد عن العملاء.
إسرائيل واستفادتها المحدودة من "استراحة المقاتل"
بسبب كون إسرائيل تتمتع بدعم لوجستي غير محدود من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ما يمنحها قدرة كبيرة على مواصلة العمليات العسكرية من دون عوائق لوجستية، فإن الفائدة التي يمكن أن تجنيها من وقف القتال تبقى محدودة، لا سيما على المستوى الداخلي أو الاستخباراتي.
فعلى عكس إيران، لم تتعرض إسرائيل لاختراق أمني واسع النطاق، ولا يبدو أنها بحاجة ماسة لإعادة هيكلة أو معالجة ثغرات داخلية. لذلك، تقتصر استفادتها من الهدنة على إعادة تذخير منظومات الدفاع الجوي، وترميم بعض المواقع العسكرية، أو إنشاء ملاجئ إضافية في مناطق المواجهة.
أما من الناحية التكنولوجية، فإن إسرائيل كانت قد خاضت تجارب مشابهة في مجالات الحرب السيبرانية والمسيّرات في كل من غزة وجنوب لبنان خلال العامين الماضيين. أما الفارق في المواجهة مع إيران فتمثّل في اتساع رقعة المسافة الجغرافية، لا أكثر.