logo
logo
logo

مقالات

من النيل إلى الفرات.. من سيوقف مشروع إسرائيل الكبرى؟

من النيل إلى الفرات.. من سيوقف مشروع إسرائيل الكبرى؟

محمد بزّي-

 

 لم يخفِ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ، المشروع اليهودي التوراتي، الذي تسعى إسرائيل إلى الوصول إليه، من خلال حفلة الجنون التي تقودها في المنطقة. 

 

لم يخرج الكلام هذه المرّة عن لسان محلّل سياسي في إحدى الفضائيات، ولم يأتِ كعنوان مقالٍ في صحيفة عربيّة ما، بل أتى مباشرةً، على لسان رأس الهرم في الكيان، والحاكم بأمره، لينكشف أمام الجميع ما تسعى إليه إسرائيل من خلال حربها المستمرّة على غزّة، واعتداءاتها المتواصلة على لبنان ورفضها الانسحاب من النقاط الخمس، ومحاولات إضعاف إيران عبر ضرب برنامجها النووي كما تزعم، ودخولها على الساحة السوريّة بقوّة، في ظلّ صمت وتفرّج عربيّ ودوليّ.

 

إسرائيل الكبرى.. طرح توراتي قديم

حزب الليكود الإسرائيلي كان أوّل الداعمين لمشروع إسرائيل الكبرى، بعدما تولّى السلطة عام 1977 بزعامة مناحم بيغن، ليحوّل هذا الحلم إلى مشروعٍ سياسي، تبعتها التغييرات باستخدام الاسم التوراتي للضفة الغربية "يهودا والسامرا "والترويج للاستيطان اليهود.  لكن من أين أتى هذا الطرح؟ يتبنّى اليمين المتطرف، الداعم اليوم لنتيناهو، معتقدات وأفكار توراتيّة، ويستند إلى نصوص برز أهمها فيما يُعرف بـ"سفر التكوين"، وأصوات أخرى نشأت مع الحركة الصهيونيّة تدعو إلى توسيع حدود إسرائيل لتشمل دول في الشرق الأوسط، مثل الأردن وسوريا ولبنان وجزء من مصر والسعوديّة.

 

 ويقول ديفيد بن غوريون، أحد أهم مؤسّسي الكيان الإسرائيليّ: "إقامة الدولة، حتى لو كانت على جزء بسيط فقط من الأرض، هي التعزيز الأقصى لقوتنا في الوقت الحالي ودفعة قوية لمساعينا التاريخية، سنحطم الحدود التي تفرض علينا، ليس بالضرورة عن طريق الحرب".

 

هل تستطيع إسرائيل تحقيق حلمها؟

صحيح أنّ إسرائيل حقّقت مُكتسبات خلال حربها منذ 7 أوكتوبر 2023 على جبهاتٍ عدّة، ما سمح لها بالذهاب بعيداً بأحلامها في المنطقة، لكن من يسعى إلى السيطرة على المنطقة من النيل إلى الفرات، لماذا لم ينجح بعد رغم كلّ ما يمتلك من إمكانات وقدرات عسكريّة وتكنولوجيّة من استعادة أسراه في قطاع غزّة؟ ولماذا لم يتمكّن بعد من القضاء على حماس كما يزعم؟ ولماذا لم يستطع احتلال جنوب لبنان في حربه على حزب الله بعد كلّ الضربات التي تعرض لها الحزب قبل القيام بعمليّة الغزو البريّ، ليكتفي باحتلال نقاط حدوديّة خمس، مستفيداً من إتفاق وقف إطلاق النّار لمدّة 60 يوماً، وانسحاب تدريجي للحزب من منطقة جنوب الليطاني، والتزام الأخير بعدم الرّد على كلّ الخروقات والاعتداءات منذ الـ27 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ولماذا رضخت إسرائيل لوقف الحرب مع إيران بعد الضربات الموجعة التي تلقّتها جراء الصـواريخ الباليستيّة المدمّرة، بعدما كان الهدف إسقاط النّظام في طهران، والقضاء على ما يُسمّى ولاية الفقيه. من يريد الوصول إلى إسرائيل الكبرى، لماذا لم يكن حاسماً في هذه الحروب؟

 

 قد يعتبر البعض أن إسرائيل نجحت في شلّ حركات المقاومة، وإلحاق الضّرر بها، وهو أمر واقعيّ، لكن في الوقت نفسه، لم تستطع القضاء عليها وتدميرها بالكامل، وهذه مهمّة، تُدرك إسرائيل نفسها، أنّها معقّدة، ولا تقتصر على الطائرات والصواريخ الذكية والمسيّرات وأطنان المتفرجات التي تحصل عليها من الولايات المتحدّة، بل هو صراع وجودي يرتبط بالعقيدة الدينيّة لهذه الحركات، التي لا يعتمد وجودها واستمراريّتها على المادة أو التحولات السياسيّة في المحيط الجغرافي المتواجدة فيه، بل على عقيدة عميقة متجذّرة في أصل تكوينها، وهذا ما يميزها على باقي الحركات المسلّحة التي لا تأتي من منطلق دينيّ بحت، وبعضها صار مجرّد ذكرى في مجلّدات كتب التاريخ.

 

ما هو الحلّ؟

أمام هذه الجرأة الإسرائيليّة، المدعومة بصمتٍ دوليّ، ورضوخ عربيّ، وغطاء أميركيّ صرف، تأتي الضغوطات الداخلية على حركات المقاومة، ومحاولات عزلها وتضييق الخناق عليها، عبر مطالبات بنزع سلاحها، من دون ضمانات حقيقيّة، إن كان على صعيد حزب الله في لبنان أو في غزّة، ما يحفّز إسرائيل على المضي قدماً في مخطّطها التّوسعي، وهو ما عبّر عنه نتنياهو نفسه، مشيداً بالخطوات التي اتّخذتها الحكومة اللبنانيّة بموضوع سلاح حزب الله، واضعاً إسرائيل ولبنان في خندقٍ واحد. فبدل أن يكون هناك موقف عربي إسلامي موحّد يوقف هذا المدّ الإسرائيلي ويضعه عند حدّه، تُصبح المشكلة في الشعوب وحقوقها المسلوبة، وليس في المحتل الذي يحتلّ ويقتل ويتوسّع. فهل يكون الحلّ بالاستسلام والخضوع، أم مواصلة الطريق مهما كانت التضحيات والأثمان عالية؟ وهو الموقف الذي يعلن عنه حزب الله مراراً على لسان مسؤوليه وكذلك حماس. فكيف ستكون المشهديّة الأخيرة لهذا الصراع؟.