logo
logo
logo

مقالات

نواف سلام: متى تنتهي المسرحية؟

نواف سلام: متى تنتهي المسرحية؟

- كتب أحمد نصرالله - 

 

بعد أقل من شهر على صدور قرار نزع سلاح الحزب من قبل الحكومة ورئيس الجمهورية، باتت الصورة واضحة للجميع، سواء لبيئة الثنائي أم لخصومهم: القرار سيبقى مجمّدًا، مع وقف التنفيذ.

 

فلماذا هذا الإصرار على الخطابات التصعيدية؟ ولماذا يكذب الجميع على بعضهم البعض، رغم إدراكهم لحقيقة الواقع؟

 

يهمني أن أوضح في هذا المقال أنني أتناول الوقائع كما هي، بعيدًا عن العاطفة أو الانحياز. سواء كنت مؤيدًا أو معارضًا لنزع السلاح، فإن الحقيقة الثابتة هي أن تنفيذ هذا القرار لن يتم من دون تصادم داخلي كبير.

 

سلاح الحزب.jpg

 

مأزق الحكومة ورئيس الجمهورية 

 

قبل الخوض في مأزق الحكومة الحالي، لا بد من التوقف عند خطأ الدخول في حرب الإسناد وطريقة إدارتها، فضلًا عن الأخطاء الفادحة التي سمحت بالخروقات، والتي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم.

 

وبالعودة إلى أرض الواقع، وعلى الرغم من نفي رئيس الحكومة وجود أي أجندات أميركية تُنفّذ عبر حكومته، فإن الوقائع تشير إلى عكس ذلك. فالتوقيت، والقرارات، وتصعيد الخطابات كلها تأتي استجابة واضحة للضغوط الخارجية، وتحديدًا الأميركية.

 

يشبه الأمر ولدًا غير مجتهد يعد والده بأنه سيصبح عالمًا نوويًا فقط ليؤخر التوبيخ، لكنه في النهاية لن ينجح، وسيصطدم بالحقيقة. وهذا بالضبط ما يحدث مع الحكومة التي أعلنت قراراتها أمام العالم، لكنها تعلم أنها عاجزة عن تنفيذها.

 

نواف وعون.jpg

 

وهو ما بات جليًا بعد التصريحات النارية للشيخ نعيم قاسم، التي أكّدت تمسّك الحزب بسلاحه رغم الخسائر الكبيرة التي تكبّدها. فالحزب لا يزال يحتفظ بآلاف المقاتلين مع أقوى ترسانة أسلحة في في المنطقة، باستثناء إسرائيل طبعًا.

 

هذا الواقع لا يُغيّره خطاب إعلامي ولا قرارات رمزية. والتجارب السابقة لمن سلّم سلاحه تثبت ذلك. في ظل الأطماع الإسرائيلية المعلنة بلبنان، وتصاعد خطر التكفيريين من سوريا بعد سيطرة أحمد الشرع، يبدو أن الحزب سيختار المواجهة على تسليم السلاح، لأن الاستسلام هنا سيعني الذهاب لمستقبل يشبه إلى حد كبير واقع غزة والضفة، على الأقل قبل 7 أوكتوبر.

 

إذًا، ما الذي سيحصل في النهاية؟

قد يصدر الجيش خطة لن تُنفَّذ أبدًا، فموقف الجيش والحزب واضح وحاسم بعدم الدخول في مواجهة مباشرة. بعد ذلك، قد يُتخذ قرار بتأجيل التنفيذ، لكن هذا التأجيل سيفتح الباب أمام أزمة داخلية، تتمثل في فقدان الثقة بالحكومة، سواء من الشارع اللبناني أو من المجتمع الدولي.

 

الحرب مع إسرائيل

برأيي الشخصي، فإن المواجهة بين الحزب وإسرائيل لم تنتهِ بعد، لكن توقيت المعركة المقبلة لا يزال غامضًا. فإسرائيل تواصل تنفيذ اغتيالات، وتثبيت نقاط حدودية جديدة، إلى جانب عمليات التمشيط التي تطال مختلف القرى الحدودية والبحرية.

ما يعني أن إسرائيل لا تبدو مستعجلة لشنّ مواجهة شاملة، بل تفضل استمرار الضغط الميداني. أما دعمها للحكومة في تنفيذ قرار نزع السلاح، فقد يكون سلاحًا ذو حدّين، إذ يمكن أن يُعيد بعض التأييد الشعبي لهذا السلاح، حتى من قبل فئات لبنانية كانت قد تخلّت عن الحزب بعد الانتكاسة الأخيرة.

 

العيون اليوم موجّهة إلى الحزب أكثر من إسرائيل. فأرضه لا تزال محتلة نتيجة خياره في حرب الإسناد، سماؤه مخترقة، واغتيالات تطال عناصره، في ظل صمت تام. المنازل المدمّرة تنتظر إعادة الإعمار، لكن ذلك لن يتحقق من دون تغيير في الواقع العسكري... العسكري، ثم العسكري، ثم العسكري فقط.

علم اسرائيل.jpg

هل تستمر هذه الحالة لأشهر عديدة وربما سنوات قليلة؟ الاحتمالات مفتوحة. فكل التوقعات التي رجّحت تجدّد الحرب خلال الأشهر الماضية سقطت، وفي المقابل، كل التوقعات بقيام الحزب بمفاجأة استراتيجية لتغيير هذا الواقع سقطت أيضًا.

 

ستستمر هذه المرحلة إلى حين ترميم الجبهة واستعادة الجهوزية الكاملة. والمواجهة المقبلة إن حصلت، ستكون مختلفة تمامًا عمّا سبق، وقد تعني إعادة تثبيت معادلة الردع... أو ربما نهاية هذا السلاح، ولكن ليس كما يتصوّر رئيس الحكومة نواف سلام. فكما يُقال: "الحكي ببلاش".


المصدر: مقال رأي